يترقب الشارع التونسي نتائج التحقيقات الجارية بشأن قضية “تسفير الشباب” إلى بؤر التوتر، خاصة بعد إطلاق سراح بعض القيادات التي وجهت لها اتهامات بالضلوع في القضية.
في الوقت الذي تجرى فيه التحقيقات التي لم تحسم حتى الآن، تستعد الأحزاب والكتل السياسية للانتخابات التي تجرى على المقاعد الفردية، في حين أن حركة النهضة لم تحدد بعد مشاركتها أو مقاطعتها للانتخابات المقبلة.
ومؤخرا، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، أن مشروع مرسوم الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل بات جاهزا.
تتباين الآراء بشأن تأثير الاتهامات الموجهة لأعضاء الحركة في قضية “تسفير الشباب” لبؤر التوتر، حيث يرى البعض أن عدم إدانة قيادات النهضة يصب في صالحهم، ويمكن استثماره، في حين تشير آراء أخرى إلى أن الأحزاب لن تجد فرصها في ظل القانون الجديد، وخاصة النهضة التي تراجعت حظوظها تأثرا بتراكمات السنوات الماضية.
وفق الفصل 19 (جديد) من قانون الانتخابات الجديد، فإنّ الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ:
ـ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية مولود لأب تونسي أو لأم تونسية وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي.
ـ بالغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة كاملة على الأقل يوم تقديم ترشحه.
ـ نقي السوابق العدلية (أي لم يصدر بحقه أحكام سابقة).
ـ غير مشمول بأي صورة من صور الحرمان القانونية.
فرص النهضة
حول فرص النهضة في الانتخابات المقبلة، قال منذر ثابت المحلل السياسي التونسي، إن القانون الانتخابي لا يحرم قيادات النهضة أو الحركة من الترشح للانتخابات.
وأضاف أن الأبحاث المتعلقة بقضية “تسفير الشباب” ليست أحكاما نهائية ولا اتهامات رسمية، ما يؤكد أحقية الجميع في الترشح ما لم تكن هناك أي أحكام نهائية.
الصفوف الخلفية
ولفت ثابت إلى أن الحركة على المستوى الرسمي يمكن أن تقاطع الانتخابات، خاصة أنها لا تعترف بمسار 25 يوليو/ تموز، وتعتبره انقلابا، لكنها يمكن أن تدفع بقيادات الصفوف الخلفية لخوض الانتخابات.
ويرى أن توخي سياسات الاختراق من قبل النهضة يهدف لاختراق البرلمان كما فعلت في السابق مع “حزب زين العابدين بن علي” التجمع الدستوري الديمقراطي، وأن النهضة قادرة على إعادة التموضع من أجل الإطاحة بأي تنظيم أو شكل سياسي داخل البرلمان.
نتائج عكسية
فيما قالت مبروكة خذير، المحللة السياسية التونسية، إن الاتهامات التي تواجهها قيادات حركة النهضة فتحت الباب أمام البعض لإثبات براءته.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن الإفراج عن بعض القيادات يوضح أن الأدلة التي قدمت ضدهم “واهية”، وأن عدم إثبات التهم عليهم يمكن أن يزيد التعاطف معهم من قبل المتعاطفين سابقا.
وأوضحت أن القضاء لم يدن أية قيادة حتى الآن بشكل قاطع، وأن الإفراج عن العديد من القيادات يصب في صالح النهضة، وأن الأخيرة تستثمر هذا الأمر بأنها في حل من قضية “تسفير الشباب”.
عودة سياسية
وترى خذير أنه حال عدم إدانة أي من القيادات خلال التحقيقات الجارية، فإن ذلك يسهم في فتح المجال بشكل أوسع للعودة للمشهد السياسي والواجهة وممارسة كل حقوقهم السياسية.
وأشارت إلى أن الحركة لم تعلن مقاطعتها أو مشاركتها في الانتخابات حتى الآن، في حين أن التحقيقات لم تنته بشكل كامل.
قضايا لم تحسم
في السياق ذاته، قال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان إن القضاء لم يحسم أي من القضايا حتى الآن بالتبرئة أو الإدانة، وأن من أفرج عنهم سيمثلون في جلسات استماع أخرى.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن إطلاق سراح البعض مع منعهم من السفر يؤكد استقلالية القضاء، وعدم وجود أي تدخل سياسي، كما حاولت بعض الأطراف تصدير صورة بأن سلطة سياسية تتحكم في القضاء.
عوائق أمام الأحزاب
ويرى الترجمان أن النظام الجديد للانتخابات ليس في صالح قيادات الحركة، وأنهم لن يغامروا بالترشح فرادى في دوائرهم، خاصة أن جميع الأحزاب تعلم عدم وجود أي حظوظ لهم في الانتخابات المقبلة.
وأوضح أن شروط قانون الانتخابات الذي يتطلب 400 تزكية من الرجال والنساء يضع المرشح أمام أهالي دائرته بشكل مباشر، وأن الكلمة تكون لهم في اختيار من يمثلهم، كما يظل ملتزما أمامهم وفق برنامجه، ما يؤسس لديمقراطية حقيقية على عكس السابق.
وشدد على أن مجلس النواب خلال السنوات السبع الماضية تحول إلى ساحة لتبييض الأموال وحماية الفساد وممولي الإرهاب.
ولفت إلى أن قانون الإنعاش الاقتصادي الذي صادق عليه البرلمان في يوليو/تموز 2021 برئاسة راشد الغنوشي، كان سيقود تونس إلى دولة لتبييض الأموال.
ويواجه أعضاء وقيادات من حركة النهضة اتهامات بالضلوع في “تسفير الشباب” إلى بؤر التوتر خلال الفترة التي كانت تتصدر فيها النهضة المشهد السياسي، خلال حكم الرئيس المنصف المرزوقي (2011 و2014).
وأمس الأول (الأربعاء) قرر حاكم التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في العاصمة تونس، تأجيل الاستماع إلى الغنوشي رئيس حركة النهضة في قضية “التسفير لبؤر التوتر” إلى 28 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مع إبقائه في حالة سراح.
ولاحقا، قال الغنوشي في تصريحات صحفية: “أمضيت يومين في الإجابة عن أسئلة مرتبطة بقضية غير واضحة لا علاقة لنا بها تسمى التسفير إلى بؤر التوتر”.