«بدأ يميل إلى التطرف منذ سنوات حيث كان يزور أبويه في بلده الأصلي ليبيا، ومن المفترض أنه التقى هناك بمجموعات إرهابية تابعة لتنظيم داعش».. هكذا تحدثت تقارير بريطانية عن سليمان العبيدي منفذ هجوم مانشستر، الذي أوقع 22 قتيلا و58 مصابًا، في هجوم هو الأكثر دموية منذ 12 عامًا.
حياته الشخصية
ولد سلمان العبيدي (22 عامًا) في مدينة مانشستر بشمال غرب إنجلترا، وترتيبه الثاني بين إخوته وله أخان وأخت وحيدة يبلغ عمرها 18 عامًا. ينحدر والداه من قبيلة العبيدات التي تعيش شرق ليبيا، لكنهما قضيا أغلب فترات حياتهما في العاصمة طرابلس. حيث كان يعمل والده رمضان عبيدي، المُلقب بأبي إسماعيل نسبة إلى ابنه الأكبر«إسماعيل» ضابط أمن سابق، وطلب اللجوء مع زوجته سامية الطبال (50 عامًا) إلى بريطانيا هربًا من نظام معمر القذافي الذي كان يُعارضه، وفقًا لتقرير نشرته «دوتشي فيلله».
وأقامت أسرة رمضان العبيدي في السنوات الأولى في العاصمة لندن قبل أن تشد الرحال إلى مانشستر، وتستقر بالضبط في ضاحية فولوفيلد، المعروفة بتواجد جالية ليبية كبيرة كانت مُعارضة للقذافي.
وعُرف عن الأسرة ورعها وارتباطها بمسجد «ديدسبري» بضاحية فولوفيلد بمدينة مانشستر، إذ كان الأب يِؤذن فيه أحيانًا، وكان أيضًا موضع احترام الجالية الليبية هناك، فيما عمل الابن الأكبر إسماعيل كمدرس في المدرسة القرآنية التابعة للمسجد نفسه، وبعد سقوط نظام معمر القذافي عاد الوالدان إلى ليبيا فيما استمر باقي أعضاء الأسرة في العيش بمانشستر.
شخص «متحفظ» وانقطع عن الدراسة
عُرف عن أسرة العبيدي أنها أقامت في مناطق مختلفة بمدينة مانشستر، لكن سلمان ترعرع في منطقة «والي رانج»، وتصدرت هذه المنطقة عناوين الصحف الإنجليزية العام 2015، إذ تتواجد بها المدرسة الثانوية المحلية للبنات التي غادرها التَوأَمُ زهراء وسلمى للالتحاق بتنظيم «داعش» في سورية.
وتدرج سلمان العبيدي في مختلف المراحل الدراسية حتى بلغ التعليم الجامعي العام 2014، حيث التحق بجامعة سالفورد ليدرس تخصص «إدارة الأعمال»، غير أنه انقطع عن الدراسة الجامعية بشكل نهائي في 2016 وعمل بعدها في مخبز. ويُجمع زملاء عبيدي، من الذين درسوا معه أو كانوا يعرفونه، أنه كان شخصًا عاديًا و«لاعب كرة قدم جيدًا وعاشقًا لفريق مانشستر يونايتد»، بالإضافة إلى حبه تدخين مخدر «الحشيش».
وتقول جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، نقلاً عن راشيل هاردينغ أحد جيران عبيدي، إنه كان غير معروف في الحي ويضيف: «لست متأكدًا حتى كيف كان يبدو صراحة، كنت ألتقيه ربما يوميًا ولا أعرفه». ويشير جار سلمان إلى أنه «كان شابًا متحفظًا جدًا، وفي نظري كان محترمًا دائمًا».
رحلة الوقوع في براثن التطرف
وأشارت تقارير بريطانية إلى أن سلمان عبيدي بدأ يميل إلى التطرف منذ سنوات حيث كان يزور أبويه في بلده الأصلي ليبيا، ومن المفترض أنه التقى هناك بمجموعات إرهابية تابعة لتنظيم «داعش». وتشدد جريدة «ذا صن» البريطانية على أن عبيدي تدرب على يد إرهابيين في ليبيا أثناء زيارته لأهله وانعكس ذلك على سلوكه لدى عودته إلى مانشستر.
مسجد «ديدسبري» كان في السابق كنيسة صغيرة في ضاحية فولوفيلد، قبل أن يشتريها عدد من المتبرعين السوريين العام 1967. وفي حوار مع «ديلي تيلغراف»، قال محمد سعيد السعيتي، إمام المسجد الذي كان يتردد عليه عبيدي إنه «أظهر شيئًا من الامتعاض بعد خطبة لي عن تنظيم داعش»، مضيفًا: «كان معتادًا على إظهار كراهيته وأستطيع القول إن هذا الشخص لم يكن يحبني. ولا يثير هذا دهشتي».
وظل العبيدي يتردد على ليبيا حيث كانت آخر زيارة له قبل ثلاثة أسابيع من تنفيذه العملية الانتحارية في 21 مايو. كما زار على الأرجح أيضًا سورية، حسب ما أفادت وزارة الداخلية البريطانية ونظيرتها الفرنسية.
وتقول لينا أحمد (21 عامًا) وهي جارة لسلمان عبيدي في حوارها مع «ديلي تيلغراف»، إنه «بدأ يتصرف بغرابة في الأسابيع الأخيرة، وكان يردد باللغة العربية أناشيد إسلامية في الشارع وبصوت مرتفع».
وكان سلمان العبيدي معروفاً لدى السلطات الأمنية البريطانية نظرًا لعلاقة زمالة كانت تجمعه برافاييل هوسي، المنحدر من مدينة مانشستر، والتي غادرها العام 2016 إلى سورية من أجل القتال مع تنظيم «داعش».
ولقي سلمان العبيدي مصرعه في الهجوم الانتحاري الذي نفذه الاثنين 21 مايو في مانشستر، أثناء حفل كانت تحييه مغنية البوب الأميركية أريانا غراندي وراح ضحيته 22 شخصًا حتى الآن. وقد تبنى تنظيم «داعش» ذلك الهجوم.