مهما كنا نعتقد أننا نعرف عن مستهلك الأخبار الحديث، فإن تقرير الأخبار الرقمية يحتوي دائما على مفاجأة أو اثنتين، وكانت المفاجأة في التقرير الأخير لمعهد رويترز، أن البوابة الإلكترونية لياهو لا تزال تتمتع بقدرة كبيرة على جذب جمهور الأخبار، رغم تغير عادات الجمهور في طريقة الوصول إلى الأخبار.
واشنطن- خلق الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي عادات وأساليب مشاهدة حديثة لجمهور الأخبار الذي تتغير مواقفه وأحكامه حول وسائل الإعلام بين دولة وأخرى، وفقا للمنصة التي يعتمدها للوصول إلى الأخبار.
ورصد التقرير السنوي للأخبار الرقمية من معهد رويترز لدراسة الصحافة في جامعة أوكسفورد، 36 سوقا مختلفة مقارنة بخمس أسواق عام 2012، والاتجاهات التي يعتمدها الجمهور المحلي في استقاء الأخبار ومدى استعداده لدفع قيمة المحتوى الإعلامي، ومستوى الثقة التي يمنحها لوسائل الإعلام، وفقا لما ذكره الصحافي داميان رادكليف في موقع شبكة الصحافيين الدوليين.
وخلص التقرير إلى أن المشتريات الفردية لنسخ المطبوعات، والتبرعات والاشتراكات هي عادات مشتركة بين المستهلكين في جميع أنحاء الدول التي شملتها الدراسة، لكن التحدي يتمثل في تحويل المستخدمين العرضيين إلى مستخدمين ملتزمين ماليًا.
وجاءت الدول الأسكندنافية في مقدمة الدول التي تميل إلى الدفع مقابل الحصول على الأخبار، حيث كانت نسبة الجمهور الذي يشترك في خدمات الأخبار الرقمية بصورة دورية هي الأعلى في النرويج وبلغت 15 بالمئة، فيما جاءت السويد في المرتبة الثانية بنسبة 12 بالمئة والدنمارك بـ10 بالمئة.
وفي المملكة المتحدة، تلعب بي بي سي دورًا محوريًا في توفير محتوى إخباري مجاني، وإن كانت لديها خدمة مدفوعة بتكلفة ترخيص شبه عالمية، فإن 3 بالمئة فقط من المستخدمين دفعوا مقابل اشتراك جارٍ في العالم الماضي.
كما أن أشكال الدفع الأخرى للأخبار أقل مما هي عليه في العديد من الدول الأخرى. وتصدرت ماليزيا عالميًا استخدام تطبيق واتساب للحصول على الأخبار، حيث يستخدم أكثر من نصف المستهلكين 51 بالمئة، في البلاد منصة الرسائل لاستهلاك الأخبار في أسبوع معين، لتأتي مباشرة بعد فيسبوك الذي يحظى بنسبة 58 بالمئة.
في المقابل 3 بالمئة فقط من مستهلكي الأخبار الرقمية في الولايات المتحدة يستخدمون التطبيق لهذا الهدف، مما يعكس التباينات الإقليمية والعالمية الواسعة في استخدام هذه الخدمة.
وأوضح التقرير أن الثقة بالأخبار هي الأدنى في اليونان وكوريا الجنوبية، إذ أشار أقل من 23 بالمئة في هذين البلدين إلى “الاعتقاد بأنه يمكنك الوثوق بمعظم الأخبار معظم الوقت”. وعلى العكس من ذلك قفز هذا الرقم إلى 62 بالمئة في فنلندا و60 بالمئة في البرازيل.
وأعرب أكثر من نصف المستجوبين عن استعدادهم للموافقة على هذا البيان في 6 دول فقط، مما يعكس تحديات الثقة التي يواجهها الصحافيون والمؤسسات الإخبارية في جميع أنحاء العالم.
ومن بين مستهلكي الأخبار الرقمية، يميل أكثر من نصف الجمهور أي حوالي 57 بالمئة في اليونان وتركيا إلى تجنب الأخبار، واعترفوا أنهم يحاولون بقوة تجنب الأخبار. وقال التقرير إن هذا قد يكون بسبب أن دولا مثل اليونان وتركيا تمر باضطرابات اقتصادية وسياسية كبيرة على الرغم من أنها تلاحظ أنه ليس من السهل تحديد نمط واضح.
وكان مثيرا للاهتمام أنه على الرغم من أن جمهور كوريا الجنوبية أقل ثقة بالأخبار، إلا أن 26 بالمئة فقط يميلون إلى تجرع “سم الأخبار”، بينما معدل تجنب الأخبار يبلغ 6 بالمئة في اليابان.
وأظهر التقرير أن استخدام أخبار أبل ينمو بشكل أسرع في أستراليا، وذلك على الرغم من أن تطبيق أخبار أبل متاح فقط في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا مع ميزة “الأضواء” المتاحة في العديد من البلدان الأخرى.
كما شهدت الخدمة نموًا سريعًا في الولايات المتحدة. وتضاعف معدل الوصول إلى الخدمة بين مستخدمي آيفون في الولايات المتحدة من 13 إلى 25 بالمئة، تقريبًا في عام 2016، ونمت الخدمة من 8 بالمئة بين مستخدمي آيفون في أستراليا العام الماضي إلى 25 بالمئة بحلول 2017. ما يبشر بمستقبل هذه الخدمة سواء في تلك الأسواق أو في غيرها في أنحاء العالم مع فتح أسواق جديدة لها.
وكشف التقرير أن العلامة التجارية الأكبر على صعيد الوصول إلى الأخبار هي ياهو، رغم أنه هذا سيكون مفاجئا للكثيرين، نظرا للمشهد الحالي الذي يدور الحديث فيه حول مجموعات مسيطرة مثل خدمات فيسبوك والتي تشمل (فيسبوك، فيسبوك ماسنجر، واتساب وإنستغرام) وإعادة ابتكار العلامات التجارية الموروثة الرئيسية مثل بي بي سي، وسي إن إن، ونيويورك تايمز، فضلا عن ظهور لاعبين جدد مثل هافنغتون بوست، وفايس، وبازفيد، الأمر الذي يجعل الحديث عن أهمية ياهو يبدو غريبا للبعض.
وأظهر التقرير كيف أن البوابة الإلكترونية الأصلية لياهو لا تزال تتمتع بقدرة كبيرة على جذب جمهور الأخبار، بما في ذلك 25 بالمئة من مستهلكي الأخبار الرقمية الأسبوعية في الولايات المتحدة حيث جاءت قبل العلامات التجارية الكبرى الأخرى، وفي اليابان 53 بالمئة، وتايوان 48 بالمئة، وحتى في أسواق مثل البرازيل، وأستراليا، وألمانيا فإنها تقود العلامات التجارية العالمية، وهي ثانية خلف هافينغتون بوست في فرنسا.
ويرى القائمون على التقرير أن عادات استهلاك الأخبار القديمة والشركات خصوصًا في آسيا فضلا عن مرونة خصائص البحث والبريد الإلكتروني قد تساعد على تفسير هذه النتيجة غير المتوقعة. وهذا الأمر يظهر أنه مهما كنا نعتقد أننا نعرف عن مستهلك الأخبار الحديث، فإن تقرير الأخبار الرقمية يحتوي دائما على مفاجأة أو اثنتين.
وأضاف التقرير أن خدمات مثل “أخبار أبل” و”اكتشاف سناب شات” تمثل الجيل القادم من المنصات الرقمية. حيث تستهدف جمهور الهواتف الخلوية وتشهد نموًا ملحوظًا بين جماهيرها المستهدفة. في حين أن محركات البحث التقليدية لا تزال أكثرها شعبية في الأسواق الناشئة، فعلى سبيل المثال تتمتع أخبار غوغل بمعدل دخول أسبوعي بنسبة 21 بالمئة في كل من آسيا وأميركا اللاتينية، متقدمة على أميركا الشمالية (13بالمئة) والاتحاد الأوروبي (10بالمئة).