اختر لغتك

تكنولوجيا للنوم الهانئ وراحة البال متوفرة في الأسواق

تكنولوجيا للنوم الهانئ وراحة البال متوفرة في الأسواق - معالجة الحاجة للنوم

معالجة الحاجة للنوم

ما من شك في أن صناعة “تكنولوجيا النوم” ستستمر في النمو باطراد، وتقديم الحلول والرؤى الابتكارية من أجل تمكين الناس من النوم الجيد، الذي يعد أحد الأعمدة الرئيسية للصحة، وغذاء الدماغ والآلية البيولوجية التي لا غنى عنها لدورة حياة الإنسان، وبفهمنا أكثر لأسرار الدماغ ربما لن يكون بمقدور الجيل الجديد من المخترعين توفير النوم العميق وراحة البال للناس فقط، بل وأيضا المساعدة في اكتشاف أسرار الأحلام والتحكم فيها.

ولكن لا يختلف أحد على أن وسائل التكنولوجيا الرقمية قد ألقت ظلا ثقيلا على القرن العشرين، وحري ألا نغفل الخطر المتنامي لوسائل الاتصال الحديثة على الصحة العقلية، إذ لم تسلم غرف النوم من غزو الأجهزة الإلكترونية، وهي أمكنة من المفروض أنها مخصصة للاسترخاء، ونسيان هموم الأيام المشحونة بالحركة، ما أدى إلى تفشي وباء عالمي جديد اسمه الأرق.

ونبه الخبراء في العديد من المناسبات من الولع والإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية التي تدفع البعض إلى السهر حتى أوقات متأخرة من الليل، وقد يتسبب ذلك في حدوث تأثير عكسي على نمط نومهم وإيقاع الساعة البيولوجية لديهم.

ومن المعروف علميا أن الضوء يمثل أقوى محفز لتحويل مدار الساعة البيولوجية الطبيعية من حالة اليقظة إلى حالة النوم، فضوء الشمس يؤثر على غدة صغيرة في تجويف الدماغ تعرف بالغدة الصنوبرية، ويعيق إفرازها لهرمون الميلاتونين المساعد على النوم، وبحلول الليل تزداد كمية الهرمون في مجرى الدم، ما يدفعنا إلى النعاس.

وتؤكد العديد من الدراسات العلمية أن الضوء الأزرق المنبثق من شاشات “الليد” للأجهزة التكنولوجية الحديثة، يقلل من إنتاج الميلاتونين، ما يؤدي إلى اضطراب القدرة الطبيعية لدى المرء على النوم، متسببا في الشعور بالإرهاق والأرق، إذ كشفت دراسة نشرت في عام 2017 في المجلة الرسمية لأبحاث النوم “سليب” أن استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية قبل النوم بنحو 30 دقيقة، يرتبط بالنوم المضطرب بين الشباب.

ويعد النوم آلية بيولوجية معقدة، إلا أن الأبحاث الأخيرة تمكنت من إبراز العديد من وظائفه، لعل أبرزها تنظيف وتصفية المشابك والنواقل العصبية، والتخلص من الفضلات السامة في الخلايا الدماغية، وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على الحيوانات أن النوم يتيح التخلص من الفضلات الدماغية مثل مادة الاميلويد التي تعد إحدى العلامات المرضية لمرض الزهايمر.

وتلعب التكنولوجيا الحديثة تأثيرا كبيرا على مقدار النوم الذي يحصل عليه البعض، ووفقا للدكتور أولريش بوهوفر المتخصص في الطب الشمولي، فإن الإجهاد عندما يستمر يؤدي على المستوى الخلوي، إلى التغيرات الجينية التي تصبح سامة ما يؤدي إلى تسريع الشيخوخة.

وكذلك تم ربط نقص النوم بالعديد من المشاكل الصحية الأخرى من قبيل أمراض القلب والبدانة والسكري ونقص المناعة، وبينت أبحاث أخرى مدى تأثيره السلبي الكبير على مستويات متنوعة من الوظائف المعرفية للدماغ، بما في ذلك مستويات الانتباه وضبط المشاعر والتعلم والذاكرة والإبداع.

ويقول ديركجان ديجك مدير مركز بحوث النوم في جامعة سري البريطانية “عدم النوم يمثل مشكلة على جميع الأصعدة حيث يؤثر على أداء التعلم والذاكرة والأداء الأكاديمي”.

وتشير بعض الإحصاءات إلى أن حوالي ربع البالغين في الولايات المتحدة يعانون من الأرق مما يؤثر بشكل كبير على حياتهم، والتكاليف المرتبطة بالأخطاء والحوادث في أماكن العمل باهظة، وأن عبء الأرق يكلف الاقتصاد الأميركي حوالي 63 مليار دولار سنويا.

وفي ضوء تلك العواقب الوخيمة التي قد يسببها نقص واضطراب النوم، بات من الملح أن نعيد النظر في علاقاتنا بالتكنولوجيا، ولا يعني ذلك التخلص من أجهزتنا الذكية، بل إن أفضل الحلول تأتي غالبا من تعديل الممارسات، وعندها ستصبح معالم العصر التكنولوجي الحديث أكثر فعالية واستدامة.
 

 

محمد اليعقوبي

مهندس اتصالات من تونس
 

آخر الأخبار

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

Please publish modules in offcanvas position.