عاد الجدل في تونس حول موضوع «السياحة الجنسية» بعدما أوقفت السلطات سائحاً فرنسياً بتهمة ممارسة الشذوذ الجنسي مع عدد من تلاميذ المدارس في لاية المنستير.
واعترف المتهم (60 عاماً) بأنه قام باستقطاب عدد من التلاميذ عبر إغرائهم بالمال، حيث عثرت الشرطة على بعض الأفلام الإباحية داخل منزله. وذكرت مصادر أمنية أن المتهم حاول رشوة مسؤول أمني مقابل إطلاق سراحه، مشيرة إلى أنه تم احتجازه لتتم محاكمته في وقت لاحق.
وتأتي الحادثة الجديدة بعد أشهر من «قضية الفرنسي» والتي تمت فيها محاكمة الفرنسي تيري دارنتيار إثر اعتدائه على 66 طفلاً بينهم 41 في تونس، وهو ما دعا النائبة محرزية العبيدي حينذاك لمطالبة السلطات التونسية بالكشف عن شبكة لـ»السياحة الجنسية» في البلاد، متساءلة عن كيفية قيام المتهم بالاعتداء لمرات عدة على بعض الضحايا في المنطقة نفسها على مدى تسع سنوات.
وأثار الحادث الجديد عاصفة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب حسين (أحد مستخدمي فيسبوك) بتهكم «هذه السياحة التي تتحدث عنها الحكومة ليلاً ونهاراً، فمنذ عهد بن علي كان الأجانب الشواذ يتوافدون على تونس من أجل هذا النوع من السياحة».
وفيما رد مستخدم يُدعى أكرم عياشي وجود هذا النوع من الظواهر إلى انتشار جمعيات للمثليين مثل «شمس» وبعض البرامج التلفزيونية، مضيفاً «يأتي يوم وتصبح عبادة الشيطان ديانة مسموحاً بها في تونس»، اعتبر مستخدم آخر يدعى هيثم كحلول أنه من الخطأ لوم ضحايا هذا النوع من الحوادث، مضيفاً «كل اللوم يقع على الدولة التي نشّفت كل منابع الأخلاق، فاليوم تتحدث القنوات عن الشذوذ بشكل طبيعي دون أي اعتراض من قبل المجتمع».
وقال رئيس مرصد الحقوق والحريات أنور أولاد علي في تصريح خاص لـ»القدس العربي»: «أعتقد أن موضوع السياحة الجنسية غير مستبعد في بعض المدن التونسية، وهو أمر يتناقله بعض المواطنين ويقرون بوجوده، ولكن لا أعتقد أنه تحول إلى ظاهرة بمعنى أنه لا يمكن القول إن ثمة سياحة جنسية منظمة على غرار بعض البلدان كتايلاند مثلاً، لكن يمكن الحديث عن عدد كبير من الانتهاكات الجنسية، وهو أمر قائم أيضاً في جميع الدول العربية». واستدرك بقوله «لكننا نخشى إذ ما سكتنا عن هذه الحوادث المتكرر في بلادنا، أن تتحول إلى ظاهرة وبالتالي سيتم التسامح معها والسكوت عنها وهذا يقوض مقومات مجتمع عربي مسلم محافظ يحمي الروابط العائلية ويحمي الخصوصية ويجعل العلاقات الجنسية لا تحدث إلا في إطار شرعي».
وبرر أولاد علي تكرار هذا النوع من الحوادث إلى «الانفتاح على الأجنبي الذي يدخل لتونس وخاصة ذوي الأصول الأوروبية، وكأن البلاد مفتوحة على مصراعيها لهؤلاء بدعوى أنها بلد سياحي، وبلا شك أنه من الضروري تطوير القطاع السياحي، ولكن يجب ألا نسمح بأن يتم التجاوز بحق مجتمعنا وأبائنا ودولتنا وقانوننا، وخاصة أن هؤلاء يسهل عليهم الحصول على التأشيرة، وبالتالي فوجودهم بعدد كبير في تونس يشكل إمكانية وجود خطر الشذوذ الجنسي وشبكات الدعارة والمخدرات، ولذلك تقع على الدولة مسؤولية كبرى في مراقبة هؤلاء لأنهم ربما يمسون المجتمع ويشكلون خطرا، وخاصة على الفئات الضعيفة مثل الأطفال وطلاب المدارس الذين يكونون عادة فريسة سهلة لمثل هؤلاء الشواذ».
وأضاف «صحيح أن الاقتصاد التونسي يعتمد بنسبة كبيرة على السياحة، لكن يجب أن تكون هذه السياحة بعيدة عن الاستغلال الجنسي والشذوذ وعن ما قد يبثه هؤلاء الغربيون في مجتمعنا من سموم، وأنتم تلاحظون الآن بعض الظواهر الغريبة والمقيتة جدا مثل فيمن، فضلا عن جمعيات الشواذ مثل «شمس»، والتي تغدق عليها أموال كبيرة من قبل بعض البلدان الغربية ويتم توفير حماية لهم من المجتمع الدولي».
وتابع «نحن لا ندعو للحد من الحريات شخصية، ولكن وجود ظواهر تمس بالنظام العام والأخلاق الحميدة يستدعي من قبل السلطات التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة) والقضائية، وإيجاد قوانين ردعية تفرض عقوبات مشددة على الجاني، فضلاً عن تسليط الضوء على هذه الظواهر من قبل وسائل الإعلام، إلى جانب إطلاق حملات توعوية في المجتمع كي يتم التعامل مع ضحايا الاعتداءات الجنسية كمجني عليهم يفترض مساعدتهم وليس النظر إليهم بشكل دوني، كما يحدث في بعض الأوساط الاجتماعية».
يذكر أن وزير التربية ناجي جلول أكد أن 130 ألف تلميذ في الريف التونسي يقطعون يومياً مسافة تزيد عن 5 كم، سيراً على الأقدام، للوصول الى مدارسهم، بسبب عدم توفر خدمات النقل المدرسي، وهو ما دعا البعض للتحذير من تعرض هؤلاء التلاميذ إلى حوادث عنف وتحرش.