هناك مفارقة عجيبة في مجتمعنا العربي. فبقدر ما تُسرف شعوبنا في استهلاك الصور وبشراهة، تتعامل النخبة المثقفة لدينا مع الصورة ووسائطها بالكثير من الحيطة والحذر، وأحيانا بتجاهل. وإذا كان البعض يتفادى التلفزيون، خصوصا القنوات الوطنية، بسبب شُبهة تماهيها المطلق مع الخطابات الرسمية، فإن من مثقفينا العرب من يرى أن التواصل عبر التلفزيون من حيث المبدأ يشكل إساءة إلى نبل الكلمة ونيلا من شرف الثقافة. هكذا تحافظ هذه الفئة من المثقفين على نقائها باتقاء الظهور على الشاشة دون أن تطرح للتفكير إمكانية المراهنة على هذا الوسيط الحيوي في معركتها الأساسية، معركة دعم دينامية التثقيف والتحديث داخل المجتمعات العربية.