في تونس، حيث يفترض أن يكون القانون أداة لحماية الصالح العام ومحاسبة المفسدين نجد أن الممارسة الفعلية تعكس تناقضا صارخا بين التشريعات والواقع، إذ يتحول المبلغ عن الفساد من فاعل في مكافحة التجاوزات إلى ضحية لنفس المنظومة التي يحاول تصحيح مسارها، وبينما ترفع الشعارات حول الشفافية والمساءلة يتعرض من يكشف الحقائق إلى ضغوط قد تصل إلى حدّ التصفية الوظيفية أو الاجتماعية، بل وحتى القانونية في حين يتمتع الفاسدون بامتيازات تتيح لهم الإفلات من المحاسبة مستفيدين من تواطؤ مؤسساتي يجعل من الفساد قاعدة ومن التبليغ عنه استثناءً محفوفا بالمخاطر.