في عالم يعج بالصراعات السياسية والمصالح المتشابكة، تقف تونس اليوم عند مفترق طرق، متطلعة إلى صياغة نموذج جديد للحكم، نموذج لا ينحصر في الأطر التقليدية للإرادة السياسية، التي غالبا ما تكون أسيرة الحسابات الضيقة والضغوط الخارجية، بل يتجاوزها نحو إرادة وطنية شاملة، تنبض بروح الشعب وتطلعاته.
مقالات ذات صلة:
رئيس الجمهورية يستقبل وزير الاستثمار السعودي ويؤكد على تعزيز مناخ الاستثمار في تونس
رئيس الجمهورية يلتقي وزيري الداخلية والتجارة لبحث مكافحة المضاربة والاحتكار
زيارة غير معلنة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد تكشف إهمال ضيعات الزياتين وتراجع الإنتاجية بالنفيضة
رئيس الجمهورية، الأستاذ قيس سعيد، أدرك منذ اللحظة الأولى أن الأزمة في تونس ليست مجرد أزمة سياسية، بل هي أزمة ثقة بين الدولة ومواطنيها، وأزمة انتماء إلى مشروع وطني جامع، وتحت قيادته باتت الإرادة الوطنية المفهوم المركزي الذي يسعى إلى إحيائه، بعيداً عن المزايدات الحزبية والخطابات الرنانة التي تفتقد للعمق والعمل الملموس.
إن الإرادة الوطنية، كما يؤكد الرئيس في كل خطابته، ليست قرارا يملى من القمة إلى القاعدة، بل هي قوة جامعة تنبع من صميم المجتمع، هي التقاء الإرادة الفردية مع المسؤولية الجماعية، وتوحيد الجهود من أجل بناء دولة تحترم الحقوق وتصون الكرامة، اذ أن منذ توليه الرئاسة أصبحت هذه الفكرة أكثر وضوحا، فلا مكان للتهاون أو الانقسام عندما يتعلق الأمر بمصلحة الوطن وسيادته.
ولعل كافة الدعوات التى يسعى الرئيس قيس سعيد جاهدا لتقديمها على طاولات جلساتها مع كافة المسؤولين ومن خلال زيارته ليست مجرد نقد للواقع، بل هي رؤية بديلة تسعى لتجاوز السياسة بمعناها التقليدي، نحو مفهوم أوسع يشمل الأخلاق والقيم الوطنية، في كل خطاباته يؤكد أن الإصلاح الحقيقي لا يمر عبر المساومات، بل عبر إعادة الاعتبار لدور المواطن كشريك أساسي في صياغة القرار.
تونس اليوم بحاجة إلى إرادة وطنية، ليست مجرد استجابة للأزمات الآنية، بل مشروع دائم يعيد رسم ملامح الدولة، إرادة تتحدى الانقسامات، تتخطى المصالح الفردية، وتعيد التركيز على المصلحة العامة، بهذا التصور فقط يمكن أن تقاد تونس نحو نموذج جديد وخاصة بعد اقتناع كافة الشعب بهذه المبادئ الخالدة التى تكون فيه الإرادة الوطنية السقف الذي يظلل الجميع، والأساس الذي تبنى عليه الجمهورية الجديدة.
فنحن الآن في لحظة فاصلة، تتطلب عمقا في الفهم وجرأة في التنفيذ، الإرادة الوطنية ليست مطلبا ترفيا، بل هي الشرط الضروري لنهضة تونس وعبورها نحو مستقبل يليق بأبنائها، بقيادة واعية من كافة السلط و بتشريك الشباب في اتخاذ القرارات لتستمد بذلك شرعيتها من الشعب وإيمان راسخ من الجميع بأن الوطن قبل كل شيء.