من 1 إلى 8 فيفري 2025، شهدت مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بتونس العاصمة حدثًا ثقافيًا استثنائيًا تمثل في الدورة السادسة لمهرجان أيام قرطاج لفنون العرائس، الذي جاء تحت شعار "ماريونات فن وحياة"، ليثبت مجددًا تطوره المستمر ونجاحه الباهر.
مقالات ذات صلة:
ايام قرطاج لفنون العرائس: وزيرة الشؤون الثقافية تحرص على مشاهدة عرض عرائسي
أيّام قرطاج لفنون العرائس 2025: احتفال بالفن والحياة تحت شعار "ماريونات، فن وحياة"
الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس: فن وحياة في قلب تونس
لقد حققت هذه الدورة أرقامًا قياسية في الإقبال الجماهيري، حيث زار المهرجان يوميًا أكثر من 2000 شخص من الأطفال وأوليائهم والشباب والمسرحيين، في مشهدٍ يعكس التفاعل الكبير مع العروض العرائسية التي جمعت بين الفن والترفيه. هذا الإقبال الكبير لم يكن مجرد رقم إحصائي بل رسالة قوية تؤكد أن المهرجان أصبح جزءًا لا يتجزأ من الثقافة التونسية، وبات يُعتبر المهرجان الأبرز في تونس بسبب خصوصيته وجودة العروض التي يقدمها، والتي تتجاوز الطابع التجاري وتقدم رسائل إنسانية عميقة.
تتجلى أهمية هذا المهرجان في قدرته على جذب جمهور متنوع، حيث أكد العديد من الفنانين والمسرحيين الذين تابعوا عروض الدورة، أن المهرجان أصبح علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي والدولي. كما أن المهرجان يواصل جهوده لتطوير فن العرائس في تونس، مع مراعاة تطلعات الجمهور واهتماماتهم، لاسيما الأطفال الذين يُعتبرون فئة حساسة وقادرة على تمييز الفن الهادف عن غيره.
وفي هذا السياق، أصبح مهرجان أيام قرطاج لفنون العرائس محط أنظار العالم العربي والعالمي، حيث أصبح منصة عالمية للفن العرائسي، وجذب إليه فنانين وعروضًا من شتى أنحاء العالم. وبفضل الإمكانيات الذاتية للمركز الوطني لفن العرائس، أصبح المهرجان نقطة إشعاع فني للمسرحيين العرب والعالميين، ومثالًا يحتذى به.
تميزت الدورة الحالية بتنوع استثنائي في العروض، إذ شهدت مشاركة 19 دولة مع أكثر من 33 عرضًا دوليًا، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 100 فنان عرائسي. كما مزجت العروض بين التقنيات الحديثة وفنون العرائس التقليدية، مع استخدام المؤثرات الصوتية والتقنيات ثلاثية الأبعاد في بعض العروض، في حين تم الحفاظ على الروح التراثية في عروض أخرى، باستخدام دمى مصنوعة يدويًا تحاكي القصص الشعبية التونسية والعالمية.
وأكدت السيدة منية عبيد، مديرة الدورة السادسة ومديرة المركز الوطني لفن العرائس، أن الهدف من المهرجان هو كسر الصورة النمطية لفن العرائس كفن موجه للأطفال فقط، حيث تم تقديم عروض موجهة للكبار والشباب تناقش قضايا معاصرة مثل التغير المناخي والعلاقات الاجتماعية، مما جعل المهرجان يحظى باهتمام جميع الفئات العمرية.
ومن جهة أخرى، كانت الهيئة التنظيمية حريصة على تعزيز البُعد الدولي للمهرجان، من خلال استضافة فرق فنية من 19 دولة، بينها فرنسا وإسبانيا والبرازيل، إلى جانب مشاركة واسعة من الدول العربية مثل الإمارات والسعودية وسوريا ومصر. كما تم التركيز على إبراز المواهب المحلية التونسية من خلال ورش عمل مشتركة بين الفنانين التونسيين والدوليين، مما ساهم في إثراء التجارب الثقافية والعرائسية.
لقد نجح المهرجان في تحويل مدينة الثقافة إلى نقطة إشعاع فني، ليشمل عددًا من المدن والولايات التونسية الأخرى مثل باردو، ياسمين الحمامات، نابل، المهدية والمنستير، وهو ما يعكس حرص المهرجان على كسر المركزية الثقافية وتعزيز اللامركزية. ومع استمرار الاقبال الجماهيري الكبير، أصبح مهرجان أيام قرطاج لفنون العرائس ليس مجرد مهرجان سنوي، بل ظاهرة ثقافية دولية، تُجسد حيوية المشهد الإبداعي التونسي وقدرته على استيعاب التحولات العالمية.
