من عمق القصرين، تعود قصة الراعي مبروك السلطاني، لا كخبر مفجع على شريط الأخبار، بل كعمل سينمائي يحوّل الألم إلى سرد بصري جريء، يحاكي الصدمة ويستنهض الذاكرة.
مقالات ذات صلة:
"الذراري الحمر" يتوج بـ"التانيت الذهبي" في مهرجان أيام قرطاج السينمائية 2024
"الذراري الحمر" يهيمن على مهرجان البحر الأحمر السينمائي ويحصد جائزة اليُسر الذهبية
"الذراري الحمر" و"ماء العين" يمثلان تونس في مهرجان نامور الدولي للأفلام الفرنكوفونية
📍 العرض ما قبل الأول من مدينة الجرح
في لحظة محمّلة بالرمزية، تحتضن مدينة القصرين، يوم الجمعة 18 أفريل الجاري، العرض ما قبل الأول لفيلم "الذراري الحمر" Les enfants rouges، وذلك بالمركز الثقافي على الساعة 15:30، بحضور المخرج وفريق العمل.
ليست القصرين مجرد مدينة في هذه المناسبة، بل هي شخصية محورية في القصة، ومكان الجريمة الأصلية التي استلهم منها الفيلم واقعه: اغتيال الراعي الطفل مبروك السلطاني سنة 2015 في جبل المغيلة على يد مجموعة إرهابية.
وسيُتبع العرض بنقاش مفتوح مع الجمهور، ما يمنح أهالي الجهة فرصة نادرة للتفاعل مع عمل يُجسّد أحد أعمق جراحهم الجماعية.
🎥 الواقعي والرمزي في معركة الذاكرة
يمتد الفيلم على مدى 100 دقيقة، ويروي مأساة طفل يُجبر على مشاهدة ذبح ابن عمه ثم يُطلب منه حمل رأسه، في سرد يتجاوز حدود الواقعة ليطرح أسئلة وجودية عن الهوية، والطفولة، والعنف، والهامش.
من بطولة علي الهلالي وياسين سمعوني، اختار المخرج أن يمزج بين الواقعي والمجازي، في تجربة درامية مؤلمة ولكنها مشبعة بجماليات الصورة، وحرفية السرد، وجرأة الطرح.
🌍 من تونس إلى العالم... الصوت الذي لا يُقمع
الفيلم، وهو إنتاج مشترك تونسي-فرنسي-بلجيكي، تمكّن من اختراق المهرجانات الكبرى وحصد جوائز مرموقة، منها:
🏆 اليسر الذهبية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
🏆 أفضل فيلم في مهرجان نامور البلجيكي
🏆 التانيت الذهبي في الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية
هذا التتويج لا يمثل فقط اعترافًا بجودة العمل، بل هو اعتراف عالمي بألم تونسي محلي طالما طُمس أو تم تجاوزه.
📽️ من الشاشة إلى الضمير
عرض الفيلم في القصرين ليس حدثًا فنيًا فقط، بل هو فعل رمزي مقاوم للنسيان. فهنا، في هذه المدينة التي نكأتها الإرهاب والتهميش، يعود صوت مبروك السلطاني وأمثاله من الأطفال ليُسمع، لا بالبكاء، بل بالصورة، بالحوارات، وبالموسيقى.
قد لا يعيد الفيلم العدالة، لكنه يعيد الكرامة للضحايا، ويذكّر بأن السينما يمكن أن تكون سلاحًا للذاكرة في وجه الغياب.
📅 البرمجة القادمة
ينطلق الفيلم في قاعات السينما بداية من 23 أفريل 2025، في تونس وخارجها، ضمن جولة عروض تأمل من خلالها شركة الإنتاج أن تصل القصة إلى أوسع نطاق ممكن.
🧠 سؤال مفتوح... هل نشفى من ذبح الطفولة؟
بعد مشاهدة الذراري الحمر، يصعب أن تبقى المتفرج الذي كنت عليه قبل بداية العرض. فالفيلم لا يعرض مأساة، بل يفتح جرحًا ويدعونا للنظر داخله. هل نملك الشجاعة لذلك؟ وهل يُمكن للسينما أن تداوي ما عجزت عنه السياسة؟