اختر لغتك

التهمة الجاهزة.. أنت تعارض النهضة أنت معادي للثورة

التهمة الجاهزة.. أنت تعارض النهضة أنت معادي للثورة

التهمة الجاهزة.. أنت تعارض النهضة أنت معادي للثورة

أنصار النهضة وقيادتها يتجندون لتخوين كل من يطالب بمساءلة الغنوشي أو بالتدقيق في ثروته.
 
تونس - برع الإسلاميون وأتباعهم في تونس منذ ثورة جانفي 2011 في إلصاق تهمة “المعادي للثورة” بكل من يعارض حركة النهضة أو حليفتيها تركيا وقطر. كما تفننوا أيضا في تخوين كل من يمارس الفعل الديمقراطي وكل من يطالب بمحاسبة قادتها على سنوات الفشل في الحكم التي زجت بالبلاد في مستنقعات خطيرة كالإرهاب أو تغلغل الفساد.
 
يعود قادة النهضة وأنصارها اليوم إلى انتهاج نفس السياسة القائمة على التخوين بعدما ضغط الشارع المحتج افتراضيا على محامل وسائل التواصل الاجتماعي، بحكم ما فرضه الوباء من عزلة أشبه بتامة يمنع فيها التجمع، للمطالبة بالتدقيق في ثروة رئيس الحركة راشد الغنوشي وحاشيته.
 
وتجند ما يوصف بـ”الذباب الأزرق” الفيسبوكي الموالي للنهضة أيضا لنصب محاكم ومشانق لكل من طالب بآليات ديمقراطية مساءلة الغنوشي في البرلمان بصفته رئيسا له على خلفية أنشطته الخارجية والدبلوماسية المشبوهة المنحازة للإخوان في الملف الليبي أو لدفعه قبل ذلك لرهن الاقتصاد التونسي للدوحة وأنقرة بعدما دفع لتمرير اتفاقيتين تجاريتين مشبوهتين تم التصدي لهما من الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.
 
وبات التأليب وإعلان النفير ضد كل ينتقد النهضة أو رئيسها أو قادتها الذين يتقلدون مناصب هامة في الدولة أشبه بعرف أو بعقيدة جاري بهما العمل منذ قرابة عقد، لتصل مرحلة ذروتها مؤخرا حين ثارت ثائرة النهضة ضد نشطاء طالبوا بشكل ديمقراطي سلمي بوجوب القيام بجرد يحصر ثروات وممتلكات رئيس الحركة راشد الغنوشي.
 
ردة الفعل المتشنجة من قبل أنصار حركة النهضة على مختلف محامل التواصل الاجتماعي لم تكن اعتباطية بل أملاها تحشيد مؤسسات النهضة التي وصفت في بيانين سياسيين متتاليين كل من تطرق من السياسيين أو الصحافيين أو الإعلاميين  لموضوع العريضة التي تطالب بالتدقيق في ثروة الغنوشي بـ”المأجور”.
 
وقد انخرط في هذه الأجندة المعهود كعادته الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي المحسوب سياسيا على الدوحة لاتهام كل من يخرج عن خط المحور القطري – التركي سواء في تونس أو في دول عربية أخرى كمصر بأنه معاد للربيع العربي.
 
في السياسة ربما يجد المتابع أعذارا للقواعد المتحمسة للدفاع عن أيديولوجيا إسلامية تقدّسها متوسلة سلاح “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، لكن عندما نتحدث عن مفهوم الثورة الذي يريد أن يستأثر به الإسلاميون في تونس رغم أنهم لم يكونوا عناصر سياسة بارزة شاركت فيها، يطرح السؤال عن مدى ارتباط وترابط مفاهيم الثورة والديمقراطية بالفساد. أليست الديمقراطية هي الآلية الأمثل للمطالبة بمحاسبة الجميع بلا استثناء، إذن لماذا تنزعج النهضة التي تزعم أنها ثورية وديمقراطية مّمن ينادي اليوم من التونسيين بصفة سلمية وليس بإشهار السلاح بالتدقيق في أملاك رئيس برلمانهم.
 
لم تقتصر تشنجات أنصار النهضة على مهاجمة الناشطين السياسيين أو قيادات الأحزاب، بل شملت أيضا التشكيك في مؤسسات الحكم
 
تدّعي النهضة منذ ثورة جانفي 2011 أنها الأكثر تماسكا وصلابة بحكم أنها ترتكز إلى مؤسسات ديمقراطية ومنتخبة يحاسب فيها الجميع داخل الحركة، إذن لماذا تريد الآن إسكات كل من يدفع لممارسة الفعل الديمقراطي بما لا يخدم مصالحها؟ والأكثر من ذلك ما الفائدة من ديمقراطية تكون على المقاس وانتقائية توظف حسب الأهواء لا وفق إرادة الشعب التائق إلى مناخ سياسي شفاف ونزيه لا يعلو فيه صوت أحد سواء كان حاكما أو معارضا.
 
ولم تقتصر تشنجات أنصار النهضة على مهاجمة الناشطين السياسيين أو قيادات الأحزاب، بل شملت أيضا التشكيك في مؤسسات الحكم التي لا تتسق مع رغبات رئيس الحركة راشد الغنوشي، حيث تمترست القواعد وراء أجهزة الكمبيوتر مستعملة فضاءات التواصل الاجتماعي لتوجيه الاتهامات يمينا ويسارا بدءا بالاتحاد العام التونسي للشغل وصولا إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد.
 
وتم في هذا الصدد تحشيد أنصار الإسلاميين، لشن حرب ضد اتحاد الشغل وخاصة ضد أمينه العام نورالدين الطبوبي الذي قال حرفيا وبصوت مرتفع “يجب مراجعة النظام السياسي شبه البرلماني الذي لم ينتج سوى الفشل”.
 
بعد ذلك، تم تحويل حزمة الاتهامات نفسها التي تنعت جميع المعارضين للنهضة بخيانة الثورة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي لم يترك المجال مفتوحا أمام حركة النهضة لتفعل ما تشاء بقوله بلغة شديدة وموجهة للغنوشي خلال تهئنته للتونسيين بعيد الفطر “لتونس رئيس واحد في الداخل كما في الخارج”. ويأتي تصريح سعيّد كردة فعل على تحركات الغنوشي الدبلوماسية التي تتنافى مع صلاحياته كرئيس للبرلمان والداعمة لحكومة الوفاق ومعسكر الإخوان في ليبيا بعدما أصدرت الحركة بيانا هنأت فيه السراج بالسيطرة على قاعدة الوطية.
 
هذين المثالين الأخيرين يمثلان نموذجين هامين لسقوط صفة “الثوريين” عن النهضويين، فإن لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان له الدور الأهم في ثورة يناير فمن له الحق بأن تطلق عليه صفة ثوري بعد عام 2011؟ ثم لماذا يتنكر الإسلاميون لقيس سعيد اليوم إلى درجة اتهامه بالزيغ عن الخط الثوري بعدما دعموه وقالوا فيه كل الكلام الذي يجعله ممثلا وحيدا للمد الثوري خلال دعمه في الدور الثاني للرئاسية خلال العام الماضي؟ الإجابة أصبحت محل إجماع في تونس النهضة تنقلب على الرئيس لأنها وجدت فيه أقوى مما كانت تتصور، حيث كانت تراهن على جعله في صفها الداعم للإخوان في كل القضايا وفي كل مكان.
 
 
وسام حمدي
صحافي تونسي
 
 

آخر الأخبار

مفتش بمديرية التجارة في الجزائر يفارق الحياة بعد اعتداء جسدي من جارته

مفتش بمديرية التجارة في الجزائر يفارق الحياة بعد اعتداء جسدي من جارته

براكاج في باردو: النيابة العمومية بتونس تأمر بالاحتفاظ بشاب بتهمة الاعتداء والسرقة

براكاج في باردو: النيابة العمومية بتونس تأمر بالاحتفاظ بشاب بتهمة الاعتداء والسرقة

الإصابة تبعد حمزة الخضراوي عن التمارين لمدة 10 أيام

الإصابة تبعد حمزة الخضراوي عن التمارين لمدة 10 أيام

النادي الإفريقي يواجه رفض الجامعة الكونغولية ويستعد لتأهيل اللاعب كينزومبي عبر الفيفا

النادي الإفريقي يواجه رفض الجامعة الكونغولية ويستعد لتأهيل اللاعب كينزومبي عبر الفيفا

اتحاد بن قردان يدافع عن موقفه في ملف إثارة النادي الإفريقي: واثقون من عدم خسارة النقاط

اتحاد بن قردان يدافع عن موقفه في ملف إثارة النادي الإفريقي: واثقون من عدم خسارة النقاط

Please publish modules in offcanvas position.