منظمة حقوقية تستنكر سجن المدون وجدي المحواشي لمدة سنتين، وتطالب بإلغاء القوانين القامعة لحرية التعبير.
تونس – دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الثلاثاء تونس إلى "إلغاء القوانين التي تحد من حرية التعبير" بعد الحكم بالسجن سنتين مع النفاذ على مدون حمل بقوة على قاض لم يحقق بشأن تصريحات إمام مسجد.
وقال إريك غولدستين، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في المنظمة الحقوقية الدولية "تشريعات تونس تزخر بقوانين مبهمة تستغلها السلطات لمعاقبة حرية التعبير وإسكات المنتقدين".
وأضاف "على البرلمان التحرك سريعا لتعديل هذه القوانين أو إلغائها وهي من مخلفات النظام المخلوع" في حين تتمتع تونس منذ ثورة 2011 بهامش حرية تعبير غير مسبوق.
وأدلى إمام خطيب أصيل ولاية القصرين ويقطن بولاية بنزرت في شريط فيديو نشره عبر فيسبوك ومن ثم سحبه، بتصريحات يبرر فيها قتل أشخاص يهينون النبي محمد أو يقدمون رسوما كاريكاتورية عنه. وقد تداول رواد آخرون عبر الإنترنت المقطع لاحقا.
وقال الإمام ''هذه المسألة جائزة شرعا ولا غبار عليها وهذا هو المطلوب'' موضحا أنّه إذا تمّت الإساءة للرسول محمد عليه السلام، برسوم كاريكاتورية أو وقع سبّه أو الاستنقاص من قيمته فإنّه من الواجب قتل المسيئين له.
واستشهد هذا الإمام بالعديد من الأحاديث الدينية وبما أجمع عليه العلماء والأئمة الأربعة وأضاف أنّ الإساءة لأي رسول من الرسل تبيح القتل وأما الإساءة للصحابة فتبيح جلد مرتكب الإساءة.
وجاءت تصريحاته في إشارة إلى قطع رأس المدرس الفرنسي سامويل باتي في 16 أكتوبر الماضي بعدما عرض على تلاميذه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد خلال حصة حول حرية التعبير.
وتفاعل وجدي المحواشي (31 عاما) الذي يدلي برأيه بانتظام عبر فيسبوك مبديا أسفه لعدم تحرك القضاء حيال هذا الإمام الذي يمجد الإرهاب برأيه.
وفي مقطع مصور نشره في الأول من نوفمبر شتم المحواشي القاضي متهما أياه بـ"الجبن" لعدم فتح تحقيق.
واعتقل عناصر من "وحدة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" المحواشي في 2 نوفمبر، وتم استنطاقه لمدة أربع ساعات في حضور محاميه محمد علي بوشيبة، وهو من مؤسسي منظمة "مدوّنون بلا قيود" التي أنشأها محامون متطوعون للدفاع عن نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم ممن تمت مقاضاتهم بسبب منشورات على فيسبوك.
وفي 12 نوفمبر قضت محكمة البداية في العاصمة تونس بسجنه سنتين مع النفاذ على ما أفاد الناطق باسم المحكمة محسن دالي. ولوحق الإمام أيضا بحسب المتحدث الذي تعذر عليه القول إن كان الأخير طليقا أو موقوفا على ذمة التحقيق.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أن المدون أدين خصوصا بتهمة "الافتراء" و"إهانة موظف رسمي" مستنكرة هذا الحكم القاسي.
ووثّق تقريران نشرتهما المنظمة في يناير وأكتوبر 2019 ملاحقة مدونين ونشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي في تونس بسبب تعليقاتهم السلمية على الإنترنت. وتذرّعت السلطات في هذه الملاحقات القضائية بقوانين متعلّقة بالتشهير الجنائي، و"نشر معلومات كاذبة" و"الإساءة للآخرين عبر شبكات الاتصالات"، لمقاضاة من يناقشون قضايا سياسية على وسائل التواصل الاجتماعي، أو يفضحون الفساد، أو ينتقدون كبار المسؤولين.
وتفيد هيومن رايتس ووتش أن المحاكم التونسية حكمت منذ العام 2017 بالسجن على ستة أشخاص بسبب انتقادات علنية نشروها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ونددت منظمة العفو الدولية من جهتها مطلع نوفمبر بملاحقات تمت مباشرتها في تونس في حق 40 من رواد الإنترنت في السنتين الأخيرتين بسبب انتقادات بسيطة طالت السلطات، داعية إياها إلى وقف الاقتصاص من حرية التعبير بالاستناد إلى قوانين "بالية".
وكان النائب راشد الخياري المستقل والذي أُنتخب كمرشح لحزب "ائتلاف الكرامة" المقرب من حركة النهضة الإسلامية قد نشر تدوينة برر فيها قتل الأستاذ الفرنسي، معتبرا أنه يجب تحمل "تبعات" الإساءة للرسول محمد.
وكتب الخياري في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي أعظم الجرائم وعلى من يقدم عليها تحمل تبعاتها ونتائجها دولة كان أو جماعة أو فردا".
وقال الخياري في تدوينة أخرى "أتنازل عن الحصانة والبرلمان، ولكن لن أتنازل عن إدانتي لجريمة الإساءة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم"، كما انتقد تراجع قناة تلفزيونية خاصة عن بث جزء من برنامج شارك فيه إثر التدوينة.
ورغم مباشرة الشرطة التونسية إجراء تحريات أولية مع النائب، إلا أنه لا يزال يمارس مهامه تحت قبة البرلمان، وبرر محمد بن سالم القيادي في حركة النهضة الإسلامية، أن رفع الحصانة عن النائب راشد الخياري يعود إلى القضاء وليس إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
