قيس سعيّد يؤكد ضرورة محاكمة كل من ارتكب جرما كسائر المواطنين.
تونس - وجه الرئيس التونسي قيس سعيّد سيلا من الانتقادات للقضاء، متهما مسؤولين كبارا في الجهاز القضائي بالارتباط بقوى سياسية وبما وصفه بالعصابات الإجرامية، مشددا على أن من ارتكب جرما يحاكم كسائر المواطنين.
وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها الرئيس سعيّد انتقادات لاذعة للقضاة، خاصة أن هناك العديد من الملفات الحساسة التي لا تزال حبيسة رفوف المحاكم في تونس منذ سنوات.
وقال سعيّد خلال اجتماعه مساء الأربعاء في القصر الرئاسي بعميد المحامين إبراهيم بودربالة، "إن بعض من تولوا وظائف عليا في المحاكم كانوا ولا يزالون امتدادا لقوى سياسية وعصابات إجرامية".
وأضاف في مقطع فيديو بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك أن "من ارتكب جرما يحاكم كسائر المواطنين"، ولم يتضح ما إذا كان يعني بذلك نائب رئيس حركة النهضة نورالدين البحيري الذي اعتقل الجمعة الماضي ووضع تحت الإقامة الجبرية.
وأكد الرئيس التونسي أن "القضية ليست مع المحامين والقضاة الشرفاء، بل مع من أجرموا في حق الشعب التونسي وفي حق من تلاعبوا بمقدرات الشعب".
وأشار سعيّد إلى أن "الكل يعلم في تونس منذ سنوات وعقود، كيف أن السياسة تتدخل في القضاء". وأضاف "تم وضع نص يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء على المقاس. يتدخلون في عدد من الأحكام وفي حركة القضاة".
واتهم سعيّد تلك الأطراف التي لم يسمها، بـ"التدخل في وضع بعض الأشخاص في مواقع حساسة والتكتم على عدد من الحقائق"، مضيفا أن "أحدهم قال إنه لن يعطي الملفات المتعلقة بالاغتيالات والسرقة والاستيلاء على المال العام".
وأردف أن "ممارساتهم ترتقي إلى مرتبة الجريمة والجناية"، مشددا "نحن هنا لنتصدى لهؤلاء لتحقيق أهداف الثورة، والعدل على الجميع مهما كانت مناصبهم سابقا أو علاقاتهم مع أطراف أجنبية يطلبون منها التدخل في الشأن الداخلي التونسي".
وكان الرئيس التونسي تحدث مرارا عن ضرورة "تطهير" القضاء، وهو مطلب رفعه أيضا العديد من القضاة لمقاومة الفساد ومحاسبة القضاة المتورطين مع أحزاب سياسية.
لكن المجلس الأعلى للقضاء أعلن الأربعاء رفضه مراجعة وإصلاح المنظومة القضائية بواسطة مراسيم رئاسية، داعيا القضاة إلى "التمسك باستقلاليتهم".
ويواجه القضاء التونسي منذ 2011 اتهامات بعدم الاستقلالية، خاصة بعد تولي نورالدين البحيري قيادة وزارة العدل إبان حكم الترويكا، حيث عزل العديد من القضاة وحل محلهم آخرون في سياق ما أسماه وقتها بتطهير القضاء.
وقال سعيّد إنه "تم توفير كل الاحتياطات لمن أراد أن يضرب عن الطعام (في إشارة إلى البحيري) من أدوية وأطباء، وتم اقتراح نقله إلى المستشفى العسكري للإحاطة به بمعدات لا توجد في مستشفى بنزرت".
وجاءت تصريحات سعيّد عقب ساعات على إحالة القضاء التونسي 19 شخصا إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب مخالفات انتخابية، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والرئيس المؤقت الأسبق المنصف المرزوقي.
وكان مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية التونسية أكد في بيان أنّ القرار جاء إثر شكوى من وكيل الدولة العام لدى محكمة المحاسبات إلى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، على خلفية رصد أفعال من شأنها أن تشكل جرائم انتخابية.
والأشخاص المحالون إلى النيابة التونسية هم: رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، ووزير الدفاع الأسبق عبدالكريم الزبيدي، والسياسية ربيعة بن عمارة والسياسي ورجل الأعمال سليم الرياحي، فضلا عن الغنوشي والمرزوقي.
كما شمل القرار البرلماني المجمد أحمد الصافي سعيد ورئيس حكومة تونس الأسبق حمادي الجبالي، ورئيس حزب العمال التونسي حمة الهمامي، والقيادية السابقة بحركة نداء تونس والمرشحة السابقة للرئاسية سلمى اللومي، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية محمد الصغير النوري.
وشمل القرار أيضا وزير التربية الأسبق ناجي جلول، والمرشح الأسبق للانتخابات الرئاسية محمد الهاشمي الحامدي، ورئيسي الحكومة السابقين إلياس الفخفاخ ومهدي جمعة، والبرلمانيين منجي الرحوي ولطفي المرايحي، والمرشح الأسبق للانتخابات الرئاسية سعيد العايدي.
ووفق البيان فقد "تمّ اتخاذ قرار الإحالة إلى المجلس القضائي بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل ارتكاب جرائم مخالفة تحجير الإشهار السياسي والانتفاع بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي طبق الفصول 57 و69 و154 و155 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 2014/5/26 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء".
