رئيس حركة النهضة لم يعد يجد أي فرصة تمكنه من الظهور الإعلامي.
تونس- وصف نواب ومراقبون سياسيون قيام راشد الغنوشي بعقد جلسة افتراضية للبرلمان عبر تطبيق زوم بأنه محاولة يائسة من رئيس حركة النهضة للعودة إلى الواجهة، معتبرين أن الغنوشي انتهى تماما مثلما انتهى البرلمان من خلال الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من جويلية الماضي.
وقال المراقبون إن عقد جلسة افتراضية وإطلاق تصريحات متشنجة واستهداف رئيس الجمهورية بشكل مباشر من قبل بعض النواب المشاركين كان الهدف منه جلب الأضواء من جديد وبأي شكل، في وقت كان فيه الكثير من المواطنين قد عبروا عن ارتياحهم البالغ لوقف ما كان يجري من صراعات وصراخ أساء إلى تونس ومؤسساتها.
وأكد نبيل حجي، النائب في البرلمان المجمد، في تصريح لإذاعة “إي أف أم” المحلية أن الغنوشي لم يفهم أنه كلما أطل بوجهه نسف الحق الشرعي في المطالبة بالديمقراطية، وزاد من شعبية قيس سعيد، وأن ما يعني رئيس حركة النهضة هو تسجيل نقاط لصالحه ولصالح حزبه.
وقال غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية إن “الجلسة التي عقدها الغنوشي غير قانونية، والهدف منها العودة إلى ما قبل الخامس والعشرين من جويلية. ولأجل هذا لم نكن معهم ولم نشارك فيها”.
من جهته قال عبيد البريكي، الأمين العام لـ”حركة تونس إلى الأمام”، إن الجلسة البرلمانية الافتراضية التي عقدت لا تهمّ التونسيين ولن يكون لها تأثير، معتبرا أن البرلمان صار منتهيا.
وكان لافتا أن الإعداد للجلسة تم بتنسيق مع عدد محدود من النواب الذين يلتقون حول نقطة محددة هي الهجوم على قيس سعيد، وعدم توجيه أي نقد للبرلمان المجمد ودور رئيسه في توتر الأجواء.
وحضر الاجتماع الافتراضي بعض الأعضاء من أحزاب النهضة وقلب تونس والكرامة، بالإضافة إلى عضو برلماني مستقل واحد على الأقل.
وقاطعت عدة أطراف أخرى الاجتماع من بينها التيار الديمقراطي وحركة الشعب والحزب الدستوري الحر، إضافة إلى مستقلين قالوا إنهم غير معنيين بالدعوة.
وقالت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، في بيان إنها تعلن عدم التزامها بأي مخرجات تنتج عن هذه الجلسة وتحتفظ بحقها في مقاضاة الغنوشي من أجل ما اقترفه من مخالفات.
وأضافت أنها “تحمل رئيس سلطة تصريف الأعمال (في إشارة إلى قيس سعيد) المسؤولية القانونية والسياسية عن المخاطر التي تهدد مؤسسات الدولة نتيجة تعمده ترك المجلس معلقا ورفض حله والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة إرضاء لرغبته في تمديد فترة الحكم المطلق وتوفير الوقت الكافي لنفسه لوضع أسس مشروعه السياسي الشخصي”.
واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن الجلسة التي عقدت الخميس بمن حضر من نواب النهضة وحلفائهم من ائتلاف الكرامة وقلب تونس، كان الهدف منها إعادة الحياة إلى الغنوشي وليس إلى البرلمان كما قال هو، مشيرة إلى أن رئيس حركة النهضة لم يعد يجد أي فرصة تمكنه من الظهور الإعلامي بسبب توافق سياسي وشعبي واسع على أن البرلمان أساء إلى تونس وتجربتها في الانتقال الديمقراطي، وعلى أن حركة النهضة تتحمل المسؤولية السياسية بشكل مباشر عن فشل مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد بسبب تغليبها مصالحها الخاصة.
وأشارت الأوساط السياسية إلى أن الغنوشي فقد، بتجميد البرلمان وفي ظل مزاج شعبي واسع معارض للنهضة، فرص الحديث إلى وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، كما توقفت زياراته الخارجية وتراجعت لقاءاته بالسفراء الأجانب الذين كانوا يلتقون به بصفته رئيسا للبرلمان، وحين انتفت هذه الصفة قاطعوه.
وبدد هذا الإهمال الدولي الصورة التي يرسمها الغنوشي وأتباعه عن علاقاته الخارجية المتينة وصداقاته مع شخصيات غربية وعربية، وهو ما أعطى انطباعا قويا بأنه شخصية هامشية يمكن التخلي عنها من أجل استقرار تونس. وزاد هذا الوضع من قلق الغنوشي خاصة بعد أن أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الترحيب بخارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد في سبتمبر الماضي، والتي سحبت مبررات الغنوشي في الحديث عن رغبة قيس سعيد في الحكم المطلق.
وقال الغنوشي في كلمته خلال الجلسة الافتراضية إن تونس أصبحت في عزلة دولية خانقة ومهددة بانفجار اجتماعي بعد ستة أشهر مما وصفه بانقلاب الرئيس سعيد على الدستور. ودعا إلى “حوار وطني يضم الجميع” يسبقه إلغاء قرارات الحكم بمراسيم رئاسية وإطلاق سراح المساجين.
وفي جويلية الماضي علق قيس سعيد عمل البرلمان وعزل رئيس الحكومة قبل أن يلغي أجزاء واسعة من الدستور وقال إنه سيحكم بمراسيم.
