كنا كتبنا سابقا عن المشاريع المعطلة للوكالة العقارية للسكنى، وأشرنا في آخر مقال إلى النجاحات التي تحققت في عهد الرئيس المدير العام الأسبق للوكالة الجنرال الطاهر بن يحيى، وعن المشاريع المعطلة في عهد سلفه الحالي محمد الخامس العبيدي.
ونفتج هذا اليوم ملف مشروع "حدائق تونس" الذي يمسح حوالي 350 هكتارا والكائن بين ولايتي تونس ومنوبة في مكان استراتيجي قريب من المركب الجامعي بمنوبة والذي يعاني أساتذته وطلبته من أزمة السكن وصعوبة التنقل.
وبالبحث والتحري في أسباب تعطيل هذا المشروع، تأكدنا بما لا يدع مجالا للشك أن حرفاء هذا الإنجاز انتظروا مقاسمهم لمدة عشرة أعوام، ثم وبعد أن دفعوا أموالهم، وانتهت أشغال التهيئة وحان موعد التسليم منذ سبعة أعوام، لم يتم تحويزهم بمقاسمهم بسبب خطإ فادح في الدراسة التي أنجزت، والتي تم التنصيص فيها على أن المشروع المذكور يحتاج خزان ماء واحد والحال أنه يحتاج خزانين اثنين مما أجبر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه على اقتراح مكان أخر لبناء الخزانين، وهي قطعة أرض مساحتها 3300 مترا مربعا وفّرها صاحبها واقترح المعاوضة، إلا أن الوكالة العقارية للسكنى رفضت مقترحه ولجأت مباشرة للمحكمة للانتزاع دون البحث عن أي حل ودّي، وهو ما يعني أن المشروع قد يتعطل لعشرة أعوام أخرى، علما أنه لم يتم فتح أي بحث إداري بخصوص النقصان الحاصل في الدراسة المذكورة.
وجدير بالذكر أن هذا المشروع تكلف على المال العام بحوالي 200 مليون دينار، وأن الدولة ستجني منه مرابيح تقدر بأضعاف المبلغ المذكور، إضافة إلى الحد من أزمتي السكن والبطالة دون الحديث عن الحركية التي ستصبح عليها المنطقة والتي ستساهم في دفع عجلتي الاقتصاد والنمو، فما ذنب تونس والتونسيين كي يعانوا من مثل هذا الفساد الإداري؟ ولماذا يتعمّد كل من الرئيس المدير العام للوكالة العقارية للسكنى محمد الخامس العبيدي والمدير الجهوي العربي الرحموني تعطيل هذا المشروع وغيره؟ وما مصلحتهما من ذلك؟ علما أن العبيدي تم تعيينه منذ سبعة أعوام وأنه لم يتم إتمام انجاز أي مشروع للوكالة ولا الحوز خلال هذه الفترة وأنه من قام بجلب الرحموني وتعيينه!!!
هذا، ونعبر عن استغرابنا من تفويض الرئيس المدير العام للوكالة للمدير الجهوي مسألة التفاوض مع الغير عكس سلفه الأسبق الجنرال بن يحيى الذي كان يفاوض بنفسه ويجد الحلول في ظرف وجيز قد لا يصل إلى 48 ساعة.
الغريب أن العبيدي صرح في حوار أجرته معه "أفريكان مانجر" بتاريخ 23 مارس 2022 أن 300 ألف تونسي غلى قائمة الانتظار للحصول على مقسم وأن بعض المطالب عمرها 30 سنة، بمعنى أنه يعرف خطورة الوضع الذي آلت إليها الوكالة العقارية للسكنى، ومع ذلك يواصل تأزيم هذا الوضع، علما أن غايتنا من مقالاتنا ليس المساس يالأشخاص وإنما لفت انتباه السلط لما يحدث حفاظا على المصلحة العليا للوطن، وما نرجوه هو أن تنتبه وزيرة التجهيز والاسكان لما يحدث داخل الوكالة العقارية للسكنى من اخلالات وتجاوزات وتعطيلات ومحاباة، ونضيف أنها ليست لنا مشكلة لا مع العبيدي ولا مع الحمروني وأننا لا نعرفهما ولم نلتق بهما قط، وأنه لا عداوة بيننا وبين أي مسؤول، ولكن مشكلتنا مع التقصير والتجاوزات والإخلالات وتعطيل المشاريع في بلد يحتاج إلى كل مشروع.
هذا ونؤكد أننا سنواصل الكتابة عن الوكالة العقارية للسكنى وعن مشاريعها المعطلة وعن تقصيرها، وأن مقالنا القادم سيكون مدعما بملف كامل يتضمن عديد الوثائق التي تؤكد تقصير هذه الوكالة.
ونختم مقالنا بالسؤال التالي: ما الغاية من تفليس الشركات الوطنية؟
