تدرس الحكومة التونسية مقترحات مختلفة لإصلاح الصناديق الاجتماعية المهددة بالإفلاس بسبب تراكم ديونها. وتستنكر البعض من الأطراف حصول موظفي هذه الصناديق على امتيازات في وقت تعيش فيه المنظومة أصعب فتراتها نتيجة أزمة مالية حادة وصلت تداعياتها حد التأثير على الخدمات المقدمة للمواطنين.
تونس – يتمتع موظفو الصناديق الاجتماعية في تونس بامتيازات من بينها عدم دفعهم مساهماتهم الاجتماعية وبالمقابل يحصلون على مرتبات تقاعد. وتشير هذه المسألة نقاشا في تونس في ظل اقتراب الصناديق الاجتماعية من عتبة الإفلاس نتيجة لديون كثيرة متراكمة.
ويتساءل مراقبون ما إذا كانت الحكومة ستتفاوض حول إلغاء الامتيازات الممنوحة لموظفي الصناديق الاجتماعية في سياق الإصلاح والبحث عن حلول للأزمة.
ووصلت المنظومة إلى درجة تهديد البعض من الخدمات الاجتماعية للتونسيين على غرار توفير الحق في العلاج والتداوي المجاني.
وقال عبدالكريم جراد، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بملف الصحة والتغطية الاجتماعية، إن “المبدأ العام الذي نرتكز عليه في المنظمة هو ألاّ نوقّع اتفاقا ثم نتراجع عليه في ما بعد”.
وأوضح جراد، أن “عدم دفع موظفي الصناديق الاجتماعية لمساهماتهم مقابل تحصلهم على رواتب تقاعد لا تمثل قطرة من بحر مشكلات الصناديق الاجتماعية”.
وأضاف أن موظفي الصناديق الاجتماعية يدفعون مساهماتهم لكن في المقابل لديهم منح تعويضية على تلك المساهمات هي بمثابة امتياز لهم مثل امتيازات أخرى يتمتع بها موظفو مؤسسات عمومية أخرى من بينها شركات توزيع الكهرباء والغاز وتوزيع المياه والنقل والسكك الحديدية.
وأثارت مسألة عدم دفع موظفي الصناديق الاجتماعية نقاشا واسعا في تونس، إذ انتقد كثيرون هذا الامتياز معتبرين أنه يفاقم الأزمة المالية التي تعيشها المنظومة الاجتماعية وكثرة ديونها.
ويرى العديد من التونسيين أن حصول موظفي الصناديق الاجتماعية على امتيازات ليس أمرا عاديا إذ سيفتح الباب أمام العاملين في القطاعات الأخرى للمطالبة بامتيازات مماثلة.
ويتمتع موظفو الصناديق الاجتماعية بحق توظيف أحد أبنائهم في مؤسساتهم عند تقاعدهم منها.
وفي 2011، عاشت تونس تحركات اجتماعية كثيرة إذ تميزت تلك الفترة التي أعقبت سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بكثرة الاحتجاجات المطالبة بتحسين ظروف العمل والزيادة في الرواتب والتشغيل إلى جانب مطالب مهنية أخرى.
وتعيش الصناديق الاجتماعية عجزا ماليا منذ سنوات بلغ أقصاه في خضم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ الإطاحة بنظام السابق.
وقال جراد إن موظفي الصناديق الاجتماعية منذ تأسيسها في العام 1960 معفيون تماما من دفع المساهمات الاجتماعية، وحاليا أصبحوا يتمتعون بمنحة تعويضية عن مساهماتهم تلك.
وأكد جراد أن عدم دفع موظفي الصناديق الاجتماعية لمساهماتهم فيها مسألة لا علاقة لها بالصعوبات التي تعانيها المنظومة، وبالتالي ليست مطروحة للتفاوض في سياق إصلاح الصناديق الاجتماعية والبحث عن حلول لأوضاعها المالية الصعبة.
وأصبحت البعض من الخدمات ومن بينها مجانية العلاج مهددة بسبب كثرة ديون صندوق التأمين على المرض والتي كانت نتيجة لتأخر بقية الصناديق الاجتماعية، صندوق الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، عن دفع مساهماتها لصالح صندوق التأمين على المرض.
وهددت نقابات أطباء وصيادلة ومخابر تحاليل طبية بوقف العمل باتفاقيات وقّعتها في أوقات سابقة مع صندوق التأمين على المرض بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية من الصندوق. وتضمن هذه الاتفاقات بين القطاع الخاص وصندوق التأمين على المرض تغطية تكاليف العلاج للتونسيين.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، العام الماضي، إن موظفي الصناديق الاجتماعية يتمتعون بجراية تقاعد دون دفع مساهماتهم. وأفاد أن هذه الامتيازات الاستثنائية كانت بموجب اتفاقية تم توقيعها سنة 2011 لإنهاء احتجاجاتهم آنذاك.
وكشف الطرابلسي أن “حوالي 5000 موظف لا يدفعون مساهماتهم الشهرية على غرار بقية الموظفين ومع هذا يحصلون على جراية تقاعد ويختارون النظام الذي يحبذونه”.
وتضمّن مشروع قانون المالية للعام 2018 زيادة في نسبة المساهمة الاجتماعية التضامنية يتم اقتطاعها من الإيرادات السنوية للتونسيين.
وقال الطرابلسي، في وقت سابق، إن “المساهمة الاجتماعية التضامنية، التي تم اقتراحها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2018، ستوفر من خلال توظيفها على جميع التونسيين مردودا بقيمة 300 مليون دينار سيخصص لدعم الحماية الاجتماعية في تونس”.
وفرضت الوضعية المالية الصعبة التي تعانيها الصناديق الاجتماعية في تونس تدخلا عاجلا من قبل الحكومة.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية، في البرلمان في وقت سابق، إن ديون صندوقي الضمان الاجتماعي لفائدة الصندوق الوطني للتأمين على المرض تجاوزت 1700 مليون دينار.