في تطور لافت للأحداث المتسارعة في سوريا، أصدرت الرئاسة السورية بيانًا رسميًا عبر صفحتها على "فيسبوك"، كشفت فيه عن الظروف الدقيقة التي دفعت بالرئيس بشار الأسد إلى مغادرة دمشق عقب تمدد الإرهاب داخل العاصمة. البيان، الذي حمل لغة مباشرة وحازمة، سلط الضوء على كواليس القرار المصيري للخروج من دمشق نحو اللاذقية ومن ثم إلى روسيا.
مقالات ذات صلة:
الخارجية الأمريكية تحذر: مغادرة سوريا فورًا أو الاستعداد للطوارئ في ظل التوتر الأمني المتصاعد
سوريا على حافة الفوضى: هل ينجح الانتقال السياسي أم تجر البلاد نحو تقسيم دام؟
انهيار النظام السوري: من استقرار مزعوم إلى سقوط مفاجئ في 10 أيام
الأحداث كما رواها البيان
وفق ما ورد، بدأت الأوضاع تتفاقم مساء يوم السبت 7 ديسمبر 2024، مع تزايد تمدد الجماعات المسلحة داخل دمشق، مما أثار موجة شائعات وتكهنات حول مصير الرئيس ومكان تواجده. البيان أكد أن الرئيس الأسد لم يغادر دمشق خلال الساعات الأخيرة من المعارك كما أشيع، بل بقي حتى صباح الأحد 8 ديسمبر وهو يتابع مسؤولياته في العاصمة، قبل أن ينتقل بالتنسيق مع الحلفاء الروس إلى قاعدة حميميم في اللاذقية.
ومع تدهور الوضع الميداني وسقوط آخر المواقع العسكرية، اضطر الأسد إلى مغادرة القاعدة باتجاه روسيا مساء اليوم ذاته، في عملية إخلاء وصفت بأنها جاءت نتيجة لتصعيد الهجمات على القاعدة العسكرية الروسية واستحالة استمرار العمليات القتالية في الداخل السوري.
نفي للشائعات والتأكيد على الموقف الوطني
البيان تطرق إلى نفي الإشاعات التي تحدثت عن اللجوء أو التنحي، مؤكدًا أن الأسد لم يتخل عن مسؤولياته أو يسعى إلى حماية شخصية على حساب مصالح الوطن. وأشار إلى أن خيار القتال كان الوحيد المطروح، وأن الظروف الأمنية والعملياتية فرضت هذه الخطوة المؤقتة.
البيان حمل عبارات تعكس تمسك الأسد بمشروعه الوطني، حيث أشار إلى رفضه المساومة على سيادة سوريا أو التخلي عن حلفائه، مؤكدًا أن بقائه في المنصب أو مغادرته ليس سوى جزء من دوره في مشروع أوسع يعتمد على إرادة الشعب السوري.
الرسائل السياسية في البيان
البيان حمل رسائل واضحة تجاه الحلفاء والخصوم، إذ أشاد بالتنسيق مع الجانب الروسي في مواجهة "الإرهاب الدولي"، وأكد على وفائه للحلفاء الإقليميين والدوليين، مثل المقاومة في فلسطين ولبنان. كما أشار إلى أهمية استعادة سوريا كدولة حرة مستقلة، رغم فقدان السيطرة على المؤسسات الرسمية.
البيان أوضح أيضًا أن خيار المغادرة لم يكن تعبيرًا عن التخلي عن الشعب السوري، بل خطوة اضطرارية في مواجهة الظروف الأمنية، مشددًا على الأمل في استعادة السيادة الوطنية قريبًا.
تداعيات الإعلان على المشهد السوري
تصدر هذا البيان المشهد الإعلامي والسياسي، ما يثير تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا في ظل سقوط دمشق بيد الفصائل المسلحة، والقدرة على إعادة تنظيم القوى الموالية للنظام في الداخل والخارج.
من جهة أخرى، يعكس البيان رغبة النظام في تثبيت روايته أمام الرأي العام المحلي والدولي، والتأكيد على أن مغادرة الأسد كانت خطوة تكتيكية لا تمثل نهاية المشروع الوطني أو تسليمه للهزيمة.
بيان الرئاسة السورية حول مغادرة بشار الأسد للعاصمة دمشق كشف عن تفاصيل مثيرة تكشف كواليس اللحظات الحرجة في تاريخ سوريا الحديث. ومع استمرار التدهور الأمني، يبقى المشهد السوري مفتوحًا على كافة السيناريوهات، وسط تساؤلات عن طبيعة الدور المستقبلي للأسد في أي حلول محتملة للأزمة السورية.