اختر لغتك

مثليون عرب في إسرائيل: أقلية مزدوجة

شاب عربي يعترف بأنه في يوم ما على الأرجح سيتزوج بامرأة، كما هو متوقع من قبل عائلته


اختيرت تل أبيب الأسبوع الماضي في المرتبة 17 في قائمة "أفضل 40 مدينة بالعالم" التي أعدتها مجلة "كوندي ناست ترافيلير". وكتبت المجلة عن المدينة التي تحظى بلقب عاصمة المثليين في الشرق الأوسط، وتتبوأ مراتب راقية في وقائمة أفضل المدن للمثليين بالعام بشكل دائم، "بتأثيرات من أوروبا، شمال إفريقيا، الشرق الأوسط والبحر المتوسط، تل أبيب هي إحدى أكثر المدن حيوية وأكثرها تنوّعا".

عند المقارنة بدول شرق أوسطية أخرى، تقود إسرائيل الطريق بحقوق المثليين جنسيا وهناك قوانين تحمي العلاقات بين أبناء الجنس الواحد وعائلات فيها شركاء من نفس الجنس.

نحو 200,000 شخص خرجوا العام الماضي ليشاركوا بـ "مسيرة الفخر" في تل أبيب والتي تحوّلت الى احتفال سنوي صاخب للمدينة وتوجهاتها الليبرالية والحرية. لكن وراء الاحتفالات الزاهية بالألوان والصور لرجال ونساء جميلون وجميلات يحتفلون على الشاطئ، هناك بعض الأشخاص في أوساط معيّنة بالمجتمع المثلي الإسرائيلي والذين يشعرون بأنهم لا يستطيعون الاحتفال الى جانب الجميع.
حدى هذه الأمثلة المثلية داخل المجتمع العربي. العديد من المثليين العرب في إسرائيل يخشون المشاركة بشكل فعال في المجتمع المثلي، ولكن هناك أولئك الذين يشعرون انهم لا يستطيعون الانضمام كالجميع لأسباب دينية، اجتماعية، وثقافية.

بالمستوى الرسمي ربما لا يوجد فصل هام، ولكن بكون تل أبيب مدينة الحفلات، عند الحديث عن الحياة الليلية، تعقد حفلة خاصة كل بضعة أسابيع خصيصا للعرب في إسرائيل وكذلك أولئك من الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه الليلة تمنح ملجئً آمنًا للعرب في المجتمع العربي المثلي والذين في حالة أخرى غير قادرين على التعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يريدونها. محمد هو شاب في الـ21 من العمر من سكان يافا والذي يعيش مع عائلته، وهو أحد الأشخاص المعتادين في هذه الملاهي الليلية يقول لـi24news إنه عذر جيد كي يخرج ويلتقي بالناس المشابهين له. "هذه الفرصة للاختلاط بشباب ورجال عرب مثليين، يشاركونني الثقافة ذاتها هو أمر هام لي".

ويؤكد "أعتقد أنه واضح – هناك من المشترك بينك وبين أفراد مجتمعك أكثر من غيرك"، قبل أن يضيف أن "المجتمع المثلي في تل أبيب منفتح جدا ومتقبل لكني أشعر أحيانا أنني أقلية داخل الأقلية. هذا ليس بالضرورة أمر سيء، ولكنه ليس شيئا يمكن تجاهله. هذا ما انا عليه".
"فخور بجذوره العربية"

عند الحديث عن العلاقات، يفضل محمد الرجال العرب. ويقول إنه لا شيء لديه ضد اليهود أو السائحين من كل أنحاء العالم الذين يتدفقون على تل أبيب، لكنه فخور بجذوره العربية ويبحث عن شركاء يتشاركون واياه الثقافة والقيم ذاتها.

ذوو محمد لا يعلمون شيئا عن كونه مثليا ولا توجد لديه أي نية بأن يطلعهم. عائلته المحافظة بكل بساطة لن تعرف كيف تتعامل مع الموضوع، ويعلل ذلك "أحب نفسي وأنا سعيد بأن أستطيع أن أكون من أرغب أن أكون خارج المنزل، لكن عائلتي أيضا مهمة لي لدرجة تفوق احتمال المخاطرة بألا يكونوا إلى جانبي". ويوضح محمد أنه لن يشارك بأحداث كهذه كـ"مسيرة الفخر" خشية أن يراه أحد داعما لحقوق المثليين في العلن.

الشاب الواثق من ذاته يعترف أنه في أحد الأيام على الأرجح سيتزوج من امرأة، كما تتوقع منه عائلته ومجتمعه، وبات على سلام ذاتي مع هذا الموضوع.
"إلا في حال تغيّرت الأمور جذريا في صفوف المجتمع العربي بالسنين القليلة المقبلة، سأجد نفسي متزوجا لامرأة"، يقول محمد ويوضح "إنه لأمر رائع وجود هذا الكم من الفرص في تل أبيب للخروج والسهر وقضاء وقت ممتع لأنه يمكنني إخراج كل الطاقات بينما لا زلت شابا وحين أتزوج في نهاية المطاف أكون أقل اغراء للانشقاق عن عائلتي".
"فقاعة تل أبيب"

إبراهيم، طاهٍ في الـ28 من العمر من إحدى قرى الجليل الأعلى، لا يعتقد أنه سيمشي بالخطى التقليدية المحافظة كزميله. فهو بعد أن اكتشف شقيقه أنه مثلي هرب من منزله في القرية الصغيرة قرب كرميئيل، خشية أن يتعرض للعنف والقتل من عائلته وأفراد مجتمعه، ويقول إنه لم يعد يتحمل العيش في مكان لا يتقبل من هو.

"كان بوسعي بكل بساطة أن أفعل ما فعله كثر آخرون بوضعيتي والزواج من سيدة والعيش بحسب التقاليد العربية. ولكن حينها أكون أعيش كذبة مع نفسي". ويؤكد أنه رغم كونه فخورا بكونه مسلما، يعتبر أن هذا ما جعله ما هو عليه اليوم، الا أنه لن "يترك ذلك يقرر له في حياته ويحزنه".

بعمله كطاهٍ في مطعم بتل أبيب، يبني إبراهيم حياة جديدة لنفسه بعدما هرب قبل ثلاثة أعوام. إنه يفتقد عائلته التي تعرف اليوم أين هو موجود لكنها تختار أن تقطع علاقتها به.

"في عالم مثالي كانوا ليتقبلوني كما أنا وكنت سأكون قادرا على جلب رفيقي إلى المنزل للقائهم، ولكن ليس هذا هو الحال، لذلك أبني لنفسي حياة جديدة هنا في تل أبيب حيث يمكنني عمليا أن أفعل ما أريد وأكون ما أريد. تل أبيب هي مدينة تتقبل الجميع وترحب بالكل. معظم الناس لا تكترث إن كنت عربيا، لكنه سيكون ساذجا القول إن هذه ليست القضية أبدا"، ويضيف إبراهيم "فقاعة تل أبيب لا تحجب معظم التوترات القائمة في بقية انحاء البلاد، ولكن لا تزال هناك انقسامات عميقة داخل مجتمعنا. لا توجد ثقة".

لا يوجد لإبراهيم حاليا شريك لكنه يقول إنه يبحث عن واحد. لا يهم من أين يأتي، إذ يؤكد أن أهم عامل بالنسبة له هو أن يحبا ويحترما أحدهما الآخر. "سيكون لطيفا جدا أن أجد صديقا عربيا، لا أحدد نفسي بمواعدة العرب فقط. تل أبيب تعرض الكثير، لذلك لا توجد علي الضغوط من عائلتي التي ترغب بتحديد ما علي فعله، على الأقل سأستمتع بوقتي".

أن تكون عربيا في تل أبيب قد يفيده بكل ما يخص التعرف على ولقاء الرجال، كما يؤكد إبراهيم "بالنسبة للعديد من الشباب الإسرائيليين الاعتياديين الذين التقيت بهم، يعتبرون أن تكون لديك علاقة برجل عربي أمر مثير وغريب ومحبوب"، ويضيف أنه "من الصعب أن تتجاهل الدولة التي تعيش فيها، لذا حتى لو أن معظم الناس منفتحون ومتقبلون، لا يزال يعتبر أمر مواعدة شاب عربي كطابو. ولكن بالنسبة للمجتمع المثلي فهذا ليس بالضرورة أمر سيء".

آخر الأخبار

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

Please publish modules in offcanvas position.