أكد اللواء المتقاعد محمد عباس أنه لا يختلف عاقلان على أن ما شهدته سوريا، صباح اليوم، من ضربات صاروخية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على منطقة مطار الشعيرات بريف حمص .
ولفت في حديثه، أنه منذ ست سنوات ليس وليد الصدفة ولا بل هو محطة في الحرب المفتوحة بين مشروعين متناقضين، واستمرارية هذه الحرب بمعاركها المتعددة مرهونة بنتائج الميدان التي يتم تطويع المواقف المعلنة لخدمتها بشكل أو بآخر، فقد تبدو بعض المواقف متناقضة لكنها في الحقيقة متكاملة، وهذا ينطبق على مواقف أقطاب المقاومة كما ينطبق على مواقف أطراف التآمر، وفي ضوء ذلك يمكن فهم التناقض الظاهري لأمريكيا.
وأضاف اللواء، السؤال الذي يطرح نفسه هل تستطيع أمريكيا التغريد خارج السرب الصهيوني لدعم الإرهاب وهي رأس حربة الناتو في مواجهة دول المنطقة ومن يدعم قضاياهم، أم إن التناقض الظاهري يفضي إلى الحفاظ على بوصلة الساعين إلى تدمير البنى السياسية القائمة وإعادة تركيبها بما يخدم أهداف مشروع بسط السيطرة والهيمنة على هذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم؟ وكيف تتم مواجهة ذلك؟ وفي الوقت نفسه هل ثمة تباينات في مواقف أقطاب محور المقاومة ومن يدعمهم، أم إن الأمر يصب في خدمة التكامل لتفريغ خطوات أصحاب المشروع الآخر من القدرة على الفعل والتأثير وكيف يتجسد هذا التكامل؟
باختصار شديد أقول: كل ما حدث وما يحدث هو تنفيذ حرفي لما توصلت إليه مراكز العقول والأدمغة ومراكز الدراسات الاستراتيجية المكلفة بتقديم المقترحات لضمان استمرارية الهيمنة الأمريكية أطول فترة ممكنة، وفي ضوء هذا كان العنوان الأبرز للاستراتيجية الأمريكية منذ ثمانينات القرن الماضي هو أن يكون القرن الحادي والعشرون قرناً أمريكياً صرفاً، وكل ما يحدث على الساحتين الإقليمية والدولية تسعى واشنطن لتجييره بما يخدم هذا الهدف الاستراتيجي.
وقال اللواء عباس: لولا الصمود الأسطوري للدولة السورية لتغيرت خارطة توازن القوى بشكل دراماتيكي كفيل بفرض الإرادة الأمريكية لعقود قادمة، وطالما أن سوريا بشار الأسد هي التي منعت تحقيق ذلك، فمن السذاجة التفكير ولو للحظة واحدة أن أنصار المشروع التفتيتي قد يغفرون للسوريين فعلتهم التي يرونها أنها من الكبائر لأنها كسرت روافع ذاك المشروع أحياناً بعدد النقاط، وأحياناً أخرى بالضربة القاضية، والتحالف الذي قالوا إنه لمحاربة "داعش" التي صنعوها وسوّقوها ومكّنوها من التمدد وممارسة أبشع أنواع الإرهاب إنما هو تحالف لإنجاز ما عجزت "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية عن تحقيقه في سورية، وهنا لابد من الإشارة إلى بعض النقاط التي تساعد على فهم حقيقة ما يجري، ومنها:
الضربات الصاروخية التي قام بها شكل من أشكال ذر الرماد في العيون، لأن الأقمار الصناعية التي تجوب سماء سورية قادرة على رصد تحركات "داعش" وغيرها على مدار الساعة، ولو كان المستهدف قوافل "داعش" لما استطاعت تلك القوى الظلامية الدخول إلى عين العرب، وقد أكد أهلنا في عين العرب أن غالبية الغارات والضربات تستهدف أماكن سبق "لداعش" أن أخلتها، أو بعض الضربات الشكلية التي لا تؤثر في موازين القوى المختلة أساساً جراء تزويد "داعش" بكل أنواع الأسلحة الثقيلة ومنع مناصري سكان عين العرب من عبور الحدود التركية لنصرة أشقائهم في مواجهة الإرهاب الداعشي الأردوغاني الأطلسي الذي يصب أولاً وأخيراً في خدمة الصهيونية العالمية وشركائها الإقليميين والدوليين.
فزمن اللعب قد ولى وإلى غير رجعة، وزمن الجد يؤكد أن الدولة السورية شعباً وجيشاً وقائداً أصبحت نموذجا لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه، وعلى من يرغب جاداً بمحاربة الإرهاب أن يحج إلى بوابات دمشق التي من حقها أن تمنح شهادات حسن سلوك أو أن تحجب تلك الشهادات عمن لا يستحقها، وإن غداً لناظره قريب.