يُعد منزل الفنان المصري الراحل سيد درويش شاهداً على فترة مهمة من تاريخ الفن في مصر. يقع المنزل في حي شبرا غرب القاهرة، وعلى رغم تهالكه الشديد إلا أنه يعد تراثاً وإرثاً ثـــقافياً وفنياً مثله في ذلك كفن سيد درويش الذي يدرس في معاهد مصر وجامعاتها حتى اليوم.
لقب سيد البحر درويش بـ «باعث النهضة الموسيقية العربية». ولد في الإسكندرية في منطقة كوم الدكة في 17 آذار (مارس) عام 1892، والتحق بأحد المعاهد الدينية في العام 1905.
درس العلوم الأزهرية، وكان ينشد مع أصدقائه الكثير من الألحان للشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري، ودفعه شغفه بالغناء إلى مقاهي الإسكندرية التي فشل في الاستحواذ على مسامع مرتاديها، واتجه للعمل في البناء لتدبير نفقاته اليومية، وكان يغني للعمال وسمعه الأخوان أمين وسليم عطا الله وأعجبا بصوته، وكان اكتشافه على أيديهما.
من أشهر ألحان الفنان الراحل أغنية «بلادي بلادي» التي أصبحت في ما بعد النشيد الوطني الرسمي لجمهورية مصر العربية، وكانت من كلمات الشاعر محمد القاضي ومقتبسة من كلمات قائد الحركة الوطنية في مصر الزعيم مصطفى كامل. كان لأغانيه وألحانه أثر كبير في ثورة عام 1919، ومن أشهر ألحانه الوطنية أيضاً أغنية «يا بلح زغلول» وأغنية «يا عزيز عيني» و «اقرأ يا شيخ فقاعة» و «أحسن جيوش في الأمم» و «هز الهلال يا سيد».
يقع منزل سيد درويش في منطقة روض الفرج في حي شبرا، وتظهر عليه علامات الزمن، لتظهر حجم الإهمال اللاحق بهذا الإرث الفني، علماً أن المنزل كان بمثابة ورشة عمل لعمالقة في الفن أمثال علي الكسار وجورج أبيض وبديع خيري ونجيب الريحاني.
تبدو جدران المنزل من الخارج أشبه الأطلال، وفي الداخل بعض المقتنيات الشخصية لسيد درويش وقطع الأثاث البسيطة مع الاحتفاظ بسريره والكرسي الخاص بإحدى غرف المنزل. وتضم الصالة التي تتوسطه صوره في مراحل عمره المختلفة، والعود الخاص به، إضافة إلى البيانو والراديو والهاتف ومكتبة كبيرة.
ويقول المايسترو في فرقة تراث سيد درويش حفيده محمد درويش: «تراث جدي مهمل، ولم تتنبه الجهات المعنية بحفظ التراث لأمر ولم تستجب نداءاتنا... أين دور الجهات المسؤولة عن ضياع تراث بلدنا؟».
ويضيف: «ناشدنا وزارة الثقافة حماية المنزل المتهالك الذي يحوي كل أغراض سيد درويش الشخصية، ومنها ألحان لم تخرج إلى النور حتى الآن يبلغ عددها نحو 475 نوتة موسيقية».
وتقول زوجة حفيد سيد درويش سوزان مهدي، وهي من أعضاء الفرقة الموسيقية: «الفيلم الذي أُنتج في الستينات من القرن الماضي وتناول حياة سيد درويش، لم يشر إلى حياة أسرته الموجودة في القاهرة، فقد تجاهل تماماً السنوات التسع الأخيرة التي أمضاها في القاهرة.