قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن فريق الأمن القومي بالكاد أقنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدم ارتكاب خطأ سحب القوات الأميركية من سوريا. ولفتت إلى أنه ما يزال يبدو مصمماً على تنفيذ ما يدور في رأسه، حتى ولو كان سحب القوات الأميركية من سوريا على حساب حلفاء واشنطن، مثل الأردن وإسرائيل، ولمصلحة أعدائها روسيا وإيران.
وأشارت الصحيفة، في مقالة لهيئة التحرير، الجمعة، إلى أن ترامب فاجأ مستشاريه بالإعلان خلال اجتماع حاشد، الأسبوع الماضي، أن القوات الأميركي "ستخرج قريباً جداً" من سوريا.
وبرغم ذلك، عاد ترامب ووافق على بقاء القوات الأميركية فترة طويلة، بما يكفي، لاستكمال القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" في عدد من الجيوب التي ما يزال التنظيم يسيطر عليها، فضلاً عن مهمتها في استئناف تدريب قوات محلية للغرض ذاته.
واعتبرت الصحيفة، أن تصوّر ترامب للانسحاب من سوريا وتعليق المساعدات المتواضعة التي تعهدت بها واشنطن لإعادة الإعمار، يشكّل تخلياً عن المسؤولية لمواجهة تلك التحديات، وطعنة في الظهر للقوات المحلية، التي يقودها الأكراد، بعد تعاون طويل مع الولايات المتحدة لمحاربة "داعش"، ما سيجعلهم فريسة سهلة للقوات التركية، العازمة بشكل غير عقلاني على القضاء عليهم.
وتضيف الصحيفة، أنه بسحب القوات الأميركية، يقدم ترامب هدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما ليس بمفاجئة، إذ لطالما أعلن ترامب عن حبه لبوتين. وأيضاً، يمكّن الانسحاب الأميركي من سوريا، تعزيز التواجد الإيراني على حساب إسرائيل، فبمجرد انسحاب القوات الأميركية، ستزول عقبة كبيرة أمام مليشيات إيران حالت دون توسيع نفوذها العسكري في سوريا. والنتيجة النهائية ستكون حرباً إسرائيلية-إيرانية، يمكن أن تدمر سوريا ولبنان وإسرائيل نفسها.
وتتابع الصحيفة، على غرار الرئيس السابق باراك أوباما، لا تخلو جعبة ترامب من الحجج ضد التدخل الأميركي في سوريا، لكن إدارة ترامب تحظى بأفضلية أنها قادرة على رؤية النتائج السلبية خلال عهد الإدارة السابقة وعدم تكرارها، رغم أنه يسجّل لوزارة خارجية أوباما، أنها قامت بجهد دبلوماسي قوي لوقف إراقة الدماء.
وتختم "واشنطن بوست" بالقول، إن الدبلوماسية الأميركية فشلت إلى حد كبير، بسبب افتقار الولايات المتحدة إلى النفوذ على الأرض في سوريا، وبالتالي لم تكن تملك أدوات ضغط لإجبار الأطراف الأخرى على التفاوض، أو احترام التفاوض والاتفاقات على الأقل. لكن ترامب الآن، يمتلك ورقة قوية من خلال سيطرة أميركية فعلية على ربع الأراضي السورية ومعظم مواردها النفطية، وبدلاً من استخدام تلك الورقة لتعزيز أهداف واشنطن الاستراتيجية، يقترح أن يترك كل ذلك ويرحل.
لم يكن هناك أي نشاط دبلوماسي بارز في الولايات المتحدة. بدلاً من ذلك، كانت روسيا وإيران وتركيا يجتمعون بمفردهم ويقسمون المناطق في سوريا كما يحلو لهم؛ خلال الأسبوع الماضي، قال ترامب إنه قرر الانسحاب من سوريا و"ترك الآخرين يديرون الأمور هناك"، لكنه يبدو أنه غير مهتم في أن أولئك "الآخرين" الذين سيديرون الأمور في سوريا، يكرسون كل جهودهم للإضرار بالمصالح الأميركية.