الأمل معلق على الشباب
لا تتوقع الكثيرات أن يؤخذ بآرائهن وسط المشهد السياسي المتشظي للبلاد أو أن تكون حقوق المرأة الليبية من ضمن الأولويات، والتحدي الأكبر بالنسبة إليهن يتمثل في عدم وجود قانون يحميهن من المشكلات المترتبة عن العنف وسوء الأوضاع في البلاد.
وقالت الصحافية لبنى يونس “تعيش المرأة في ليبيا بين المطرقة والسندان، وتصارع يوميا لأجل البقاء على قيد الحياة والاحتفاظ بعملها، فرغم ما تمتلكه من مؤهلات علمية وطموح تبقى في نظر البعض من المديرين وأصحاب السلطة مجرد كائن درجة ثانية، وهذه الصورة القاتمة تكشف بشكل جلي السياسة الممنهجة في استبعاد النساء وخاصة الكفاءات منهن عن المشهد السياسي”.
وأضافت “المجتمع الليبي برمته مازال ينظر للمرأة على أنها مجرد كائن درجة ثانية ولا يصلح سوى للمهن التقليدية المرتبطة تاريخيا بجنس المرأة كالتعليم والطب والتمريض، وحتى لو كانت المرأة تنتمي إلى بيئة أسرية منفتحة وداعمة لطموحها فستواجه عوائق كثيرة إذا ما تطلعت للعمل في مجال السياسة، لأن أصحاب القرار في ليبيا يتاجرون بقضايا المرأة من أجل كسب العطف الدولي وأموال الأمم المتحدة”.
وأكدت أن المرأة التي تكون لديها مؤهلات وعزيمة قوية قد تكافح كثيرا لتفتكّ البعض من حقوقها في العمل السياسي، لكنها يمكن أن تجد من يعمل على تشويه سمعتها وابتزازها حتى تنحني وتعود أدراجها حتى وإن كانت لديها مؤهلات ومواصفات المرأة القائدة.
فيما عبّرت الطبيبة سمية مختار الغول عن تشاؤمها من الوضع الحالي في ليبيا، قائلة “كل من لا يملك سلاحا مغيب في ليبيا، حتى أولئك الموجودين في السلطة لا يملكون حرية اتخاذ القرار أمام فوهات البنادق، وبالتالي لا غرابة إذن أن تغيب المرأة وتدفن حقوقها وسط سيل المشكلات التي صارت كل فئات المجتمع تواجهها”.
وأضافت “المجتمع الليبي بأكمله لا يأخذ رأي المرأة بجدية حتى صارت هي نفسها تخاف من التصريح بوجهة نظرها حتى لا تكسر قوقعتها التي لازمتها عقودا من الزمن فتتحول إلى كائن رخو”.
وواصلت “هناك نساء كثيرات ترشحن للانتخابات بعد سقوط نظام القذافي وفزن، وأنا اليوم أعضّ على أصابعي لأني انتخبتهن، وأتمنى لو كان لدي أكثر من عشرين إصبعا حتى أفرغ شحنة الندم التي بداخلي، من المؤسف أنني أشعر بنفس خيبة الأمل تجاه من اخترت أيضا من الرجال، ولذلك لا أعتقد أن المشكلة تتعلق بجنس المترشح بل بإرث ثقيل ليس من السهل تغييره”.
وأشادت الغول بالدور الريادي الذي قامت به البعض من النساء في التصدي بشجاعة للتطرف، ومنهن المحامية والناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص وفريحة البركاوي الممثلة عن شعبية (مدينة) درنة في المؤتمر الوطني العام الليبي، إلا أنه تم اغتيالهما من قبل الميليشيات المسلحة.
وترى أنه ليس من السهل على المرأة الليبية الوصول إلى مراكز صناعة القرار وخاصة كرسي الرئاسة، معتبرة أن المجتمع الليبي لا يمكن أن يستوعب مثل هذا الأمر على الأقل في الوقت الراهن، أما المستقبل بالنسبة إليها فهو رهين الكفة التي سترجح، إما للتطرف وإما للاعتدال والحداثة.
وأشارت الغول إلى أن المرأة متواجدة وبكثرة في المجالات والتظاهرات الفنية، وتشغل مناصب مهمة في المستشفيات والدوائر الحكومية، مشددة على ضرورة تمكين المرأة سياسيا حتى تتمكن من إحداث توازن المجتمع.
واعتبرت أن الوضع الحالي محتاج إلى الصفات التي تتصف بها المرأة مثل الرأفة والحنان والتعاون من أجل بناء منظومة التعليم والأمن الاجتماعي والصحة، وكل ما هو مهم للشعب الليبي.
وترى الغول أن الأجيال الشابة أكثر احتراما لحقوق المرأة ولديها رغبة أكبر في التحرر من القيود الاجتماعية الرجعية، إلا أنها تخشى أن يفسد الرصاص الغد القريب ويحرم الجميع من العيش بسلام.