انطلق مشروع التظاهرة الوطنية الخاصة بابراز المنتوج الثقافي والحرفي والسياحي للجهات الداخلية قصد التعريف به مركزيا عبر عرضه بالعاصمة وضمن فضاءات "مدينة الثقافة "كمنجز ثقافي رائد في تونس انطلق في الاستغلال منذ شهر مارس من السنة الماضية وفي تنسيق عام للاعلامي شاكر بالشيخ ومساعدة الاستاذ هشام درويش بصفته كاهية مدير الشؤون الجهوية بوزارة الشؤون الثقافية منذ شهر رمضان من السنة الماضية حيث أطلق على هذا البرنامج "ليالي الجهات بمدينة الثقافة" وكانت السهرات الرمضانية بهذه المدينة خلال الفترة من 19 ماي الى 12 جوان 2018 من تأثيث وعلى التوالي المنتوج الثقافي والفلكلوري والسياحي والبيئي لولايات تطاوين يوم 19 ماي فقبلي يوم 22 ماي ثم جندوبة يوم 26 ماي فالكاف يوم 2 جوان فالقيروان يوم 9 جوان ليركن البرنامج الى الراحة لفترة وجيزة إذ رغم أهميته وتفاعل متابعيه مباشرة أو عبر وسائل الاعلام ايجابيا وجد مجموعة أخرى من الانتقادات التي لم تتفاعل مع البرنامج من منطلق استنزافه للطاقات البشرية وكثرة مصاريفه وتضخم الاعتمادات المرصودة له حيث اعتبر المنتقدون أن اللامركزية الفعلية في تحوّل التظاهرات والبرامج الثقافية والاعتمادات المالية الى الجهات لا الى مركز الثقل الثقافي بالعاصمة كما اعتبر البعض ان هذا البرنامج ينصهر في توجّه المشرفين عليه لملء فراغات البرمجة وحسن توظيف واستغلال الفضاءات الشاسعة لمدينة الثقافة.
ولكن قناعات المشرفين على هذه التظاهرات لم تؤثّر فيها مثل هذه الانتقادات اليومية والتي أضحت تشمل كل القطاعات وتعارض كل ما يمكن أن يقدّم في تونس اليوم في ظلّ حرية التعبير ومن هذا المنطلق تواصل الجزء الثاني من هذه البرمجة وضمن عنوان جديد أطلق عليه "آيام الجهات" بمدينة الثقافة فكانت أولى محطاته عرض المنتوج الثقافي والسياحي والبيئي الخصوصي لولاية المهدية يوم 22 ديسمبر 2018 حيث فتحت "مدينة الثقافة"فضاءاتها وأروقتها وبهوها السفلي لمختلف الأنشطة الثقافية والفنية التي تتميز بها هذه الجهة لتتواصل هذه التظاهرة ويكون الموعد هذا الاسبوع وتحديدا يوم 4 جانفي الجاري مع ولاية سليانة التي سيحتفي بها قطب الأقطاب انطلاقا من الثانية ظهرا ومن خلال برنامج ثريّ تحتوي فقراته على عروض فنية استعراضية في الفنون الشعبية و الفروسية و الإنشاد الصوفي وعروض لتراث الجهة وللأزياء التقليدية الخاصة بها إلى جانب مجموعة من المعارض الخاصة بـ "كسوة الخيل"و الصناعات التقليدية والحرف اليدوية ومعرض مميّز وخصوصي بعنوان "سليانة: سحر المتحف الطبيعي، ثراء التراث المادي" الى جانب مجموعة من المعارض الأخرى الخاصة بالفنون التشكيلية و الإبداعات الشبابية و إصدارات الجهة و أعلامها وأكلاتها التقليدية وصناعاتها الغذائية المحلية من تين وزيت زيتون وغيرها من المنتوجات البيولوجية و إنتاج المؤسسات والجمعيات الثقافية بولاية سليانة كما سيكون الموعد ضمن هذه التظاهرة مع عرض تراثي بعنوان "الشاوية" لمجموعة برقو 08 التي ولدت موسيقاها من جبال الشمال الغربي الشاهقة أين تتفجر أصوات النساء والرجال ببحة فريدة لتقدم المقطوعات القديمة النادرة عبر إعادة توزيعها موسيقيا ومن خلال المزج مع الموسيقى الإلكترونية في محاولة لخلق التراث الموسيقي بنفس معاصر وفي اختتام الاحتفاء بسليانة في مدينة الثقافة يكون الموعد مع عرض فرجوي بعنوان "سليانة، عين الذهب" انطلاقا من السادسة مساء.
وإن قراءة مدققة في محتوى هذا المنتوج الثقافي الذي عرض ضمن ليالي وآيام الجهات بمدينة الثقافة وعبر 6 لقاءات سابقة من 6 ولايات تؤكّد أهمية هذا البرنامج الوطني في مزيد التعريف بمنتوج هذه الجهات في الموسيقى والفنون الشعبية والشعرية والركحية والعروض الشبابية ومعارض الفنون التشكيلية والأزياء التقليدية والحرف اليدوية ومعارض الأكلات التقليدية وغيرها ووفق خصوصيات الجهات ذات المنتوج الثريّ والمتنوّع والمميّز حيث تمكّن هذا البرنامج من السفر بمتابعيه في رحلة عبر ثقافة الواحات وفنون الصحراء وعبر ثقافة الغابة والمنتوج البيئي والايكولوجي المميّز لجهات الشمال الغربي وعبر مجسّمات وصور للطبيعة الخلابة لهذه الربوع وعبر ثقافة البحر ومنتوجه المتنوّع وخصوصيات استغلال هذا المنتوج ضمن عادات وتقاليد الشريط الساحلي وبما ينصهر ضمن أهداف برنامج"مدن الفنون" باعتباره احد أبرز المشاريع التي أطلقتها وزارة الشؤون الثقافية والذي يمتد على عدة سنوات ليشمل بعث فضاءات ثقافية خاصة في كل أنحاء البلاد وجعل ساحات الفنون فضاء للنقاش العام ومنصات لإطلاق المواهب وتقديم ابداعاتها والتعريف بالتعبيرات الفنية في كل الجهات لتكون " ليالي وآيام الجهات" تتويجا لهذا التمشي وللتأكيد أن مدينة الثقافة ليست أسيرة وجودها الجغرافي في العاصمة بل هي مدينة لكل التونسيين في كل مكان.
ولكن ولضمان أكثر نجاعة لتسويق المشهد الثقافي الجهوي وأي آفاق لتكريس اللامركزية الثقافية لابدّ من الانفتاح أكثر على ما هو خارج حدود الوطن بتسويق هذا المنتوج لفائدة السيّاح ممّن لا يعرفونه عبر بعث موقع "واب" لهذه الايام واليالي الجهوية وبثّ اللقاءات بصفة مباشرة والتنسيق مع وكالات الأسفار المختصّة ومصالح وزارة السياحة لتأمين رحلات سياحية منظّمة لضمان مواكبة مباشرة لهذه اللقاءات الجهوية ضمانا للتعريف بالجهات الداخلية وثرائها وطيبة أهلها وأمنهم واستقرارهم خارج حدود الوطن بما يكرّس دور اللامركزية في السياحة الثقافية.