وسط أجواء تنشيطية احتفالية تراثية وبحضور الاطارات الجهوية والأسرة الثقافية الموسّعة ونيابة عن وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين يشرف صباح غد 13 ديسمبر الجاري والي جندوبة السيد علي المرموري على حفل اعادة افتتاح متحف "شمتو" الذي كان مغلقا بسبب أشغال التهيئة التي طالته ولاعتبارات أمنية تمّ تداركها بالتنسيق مع المصالح الامنية الجهوية وبتوفير الظروف اللوجستية الضرورية لحفظ الامن العام بالمنطقة وحماية زوّار هذا المتحف وروّاد من داخل الوطن وخارجه.
وقد تم بعث متحف شمتو في أفريل 1997 تزامنا مع احتفالات تونس آنذاك باختيارها عاصمة ثقافية ويتكوّن من مركّب أثري يمتدّ على 80 هكتار ليلخّص حضارة عريقة امتدت على خمسة عشر قرنا وتميّزت برخامها الملوّن الذي كان يقتطع منذ العهد النوميدي لتزيين القصور والمعالم الدينية والمدنية والذي أصبح في العهد الروماني يصدّر إلى روما.
ومن مكوّنات هذا المتحف الطريق الرومانية المبلّطة الرابطة بين مقطع الرخام ووادي مجردة وطريق نقل الرخام إلى روما عبر ميناء أوتيك وكذلك مصنع الرّخام الذي كان يشتغل في بداية القرن العشرين، أمّا مبناه فيتكوّن من 4 قاعات تعرض فيها اللّقى الأثرية المعبّرة عن أطوار تاريخ شمتو بالتركيز خاصة على الرخام الملوّن استخراجا وتصنيعا ونقلا وتوظيفا سواء في العهد البربري أو في العهد الروماني.
ويتضمّن داخل قاعات المتحف مجموعة أثرية متكوّنة من الفسيفساء والخزف والتماثيل وأثمن محتويات المتحف الكنز المكتشف يوم 12 ماي 1993 والذي يحتوي على 1647 قطعة نقديّة ذهبية وقطعة واحدة من الفضّة المذهّبة حيث رجّح الخبراء دفنه في نهاية حكم الامبراطور هونوريوس من سنة 395 إلى سنة 423م ليتكامل هذا المتحف مع معالم المدينة اللوبيّة والرومانية ومنها المعبد والمقبرة النوميديان والمسرح والسوق والحمّامات والحنايا المتّصلة بالخزّانات الشمالية بطول 14 مترا والساحة العامة والكنيسة وآثار الجسر حيث الطاحونة المحرّكة بمياه مجردة التي لا مثيل لها في العالم الروماني باشستثناء الطاحونة التي على مجردة بتستور أو تيكيلا الرومانية حسب ما أكّده الباحث الأثري الألماني فريدريك راكوب (R.Rakob)،ولا شكّ في أنّ اكتشاف معسكر بشمتو يؤكّد إسهام الجنود والعبيد والمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة في العهد الروماني في حظيرة مقطع الرخام.
والمميّز في موقع هذا المتحف انفتاحه على محيطه على مستوى شبكة مواقع ومتاحف الشمال الغربي في علاقتها بمنتزه طبرقة مع دقّة والكاف وعين طنقة والكريب وبلاّريجيا وقد جاء إنجاز هذا المتحف تتويجا لتعاون مثالي بين المعهد الوطني للتراث بتونس والمعهد الألماني للآثار بروما ويعتبر باندراجه في المركّب الأثري على امتداد 10.000 متر مربّع فريدا من نوعه في العالم المتوسطي حيث تتصدّر المتحف واجهة مركّبة بالحجم الطبيعي أي بارتفاع 9 أمتار وبالأحجار الصّقيلة والمنقوشة التي كانت تزيّن الواجهة الشرقية للمعبد النوميدي لبعل الذي كان يعلو ربوة بورفيفة ومن توابع المتحف مسرح صغير وقاعة للعروض السمعية والبصرية.