تميزت عديد من الاعمال الرمضانية التونسية بالشح و الضعف على مستوى الجودة و الافكار و النص مع وجود بعض الاستثناءات طبعا و بعد اربعة ايام من البث من حقنا ان نقيم حتى لا يصبح الاتهام سهلا باننا نتطاول و نتسرع و نبالغ و نتجنى لان الحكم يبقى نسبيا و ذوقيا و احيانا ايديولوجيا و الجمهور جماهير و ما يعجب فلان لا يعجب فلتان الا ان الذوق الجميل يتتصر على الذوق السيئ و الجيد يتغلب على السيئ و حين ترى مركبا يغرق فلا بد ان تنذر بغرقه قبل وقوع الكارثة و حتى لا يكون الحكم انطباعيا جافا
دعنا ننفق ان هذا الموسم هو اضعف موسم على مستوى كمية الانتاج فتعددت القنوات و قلت الاعمال و لعل اهل مكة ادرى بشعابها و لكن على قدر اهل العزم تاتي العزائم كما يقول ابو الطيب المتنبي.
و هذه قراءة متفردة اولى لابرز ما يوجد في الساحة.
الكوميديا : الكابتن ماجد تمطيط في المشاهد و طول و ملل و السندريلا هائمة و تائهة
قدمت قناة نسمة عملا صنف انه كوميدي بعنوان الكابتن ماجد لكننا لاحظنا تمطيط كبير للمشاهد و طول واضح فالمشهد قد يصل لسبعة دقائق رغم ان الكوميديا الحديثة تعتمد على التيكو تاك و السرعة و الحدث الا ان طريقة تمطيط المشاهد جعلت العمل مغرقا في الرتابة القتامة و غياب الضحك يضيع كما ان نوعية العمل يقرب اكثر الى المسلسل بهذه الطريقة . كما ان النص كان متوسط جدا و لم يكن فيه مقاطع واضحة و احداث متسلسلة و احسسنا ان جل الممثلين لجئوا الى الارتجال و الاعتباط لتعويض غياب البنية الكوميدية العميقة كما ان عديد الاسماء لم تتطابق مع نوعية الدور و عديد الاسماء ليست كوميدية اصلا و نعرف ان اللعب الكوميدي هو لعب بالاساس يعتمد على الموهبة و فاقد الشيئ لا يعطيه و بعض من العناصر الرجالية و خاصة النسائية لا تصلح للاضحاك و هنا كان خطا واضح في ماستينغ عديد الادوار و تحمل عديد الممثلين لمساحات لا تتناسب مع امكانياتهم.
هذا العمل يعكس الازمة الكبيرة للنص الكوميدي رغم الاجتهاد الواضح على مستوى جمالية الصورة لكن هذا غير كافي بتاتا.
و في الوطنية الاولى عمل بعنوان للا سندريلا الا انه جانب الصواب و لم يقنع و لم يكن في احسن جودة رغم التميز التقني الا ان النسق كان بطيئ جدا و جل الاسماء المشاركة لم تكن كوميدية بل تعنتت على نفسها لاخراج الجانب الهزلي و يظهر التصنع واضحا و التكلف اذا برز على الممثلين و رغم ان العمل تقنيا محترم جدا و الصورة جيدة الا انه كان عمل فيه هنات كثيرة و احسسنا ان اصحابه دخلوا في تقليد صاحب فكرة كان يا مكانش على مستوى الفناطازيا التلفزية لكن السندريلا لم تكن حقا سندريلا المخيال الشعبي و كانت سندريلا مشوهة بالرغم من المحاولات المتكررة لفرض البهرج التقني الا ان حلاوة الصور لا تصنع الضحك التلقائي الهادف و المضمون قد يضيع مع جمالية الشكل.
و بدى سيتكوم سبق الخير في قناة نسمة اكثر جدية و الافضل على مستوى الوضعيات و على مستوى وجود اسماء كوميدية لم تتطفل على الكاستينغ فكان اكثر صدقا من السندريلا و الكابتن ماجد فما بالطبع لا يتطبع و حين تجمع لطفي العبدلي و كريم الغربي و لطفي بندقة يصبح حضور كمال التواتي كوميديا فكمال سبق الخير مضحك اكثر من كمال الكابتن ماجد لان الخلطة الهرمونية موجودة ربما لان المخرج قيس شقير هو الاكثر خبرة و تمرس على الاعمال الضاحكة من الصميم رغم وجود عديد النقائص الا ان النص كان جيدا عموما و لا يعني ذلك ان العمل مثالي لكنه يقرب اكثر فاكثر لروح العمل الكوميدي الصادق ووجود لطفي بندقة اضاف الكثير و الكثير للعمل كما ان كريم الغربي اعطى الكثير و تطور و لطفي العبدلي كذلك و كل هذه الاسماء ساهم عملها في الفيلم لاعطاء خلطة ناجحة و هذا ما ضاع عن سنديلا و كابتن ماجد.
الكاميرا الخفية صدمة لرؤوف كوكة و تجنى مجاني علي اللواتي و صلاح الدين الصيد
انتظرنا من المبدع رؤوف كوكة ان يقدم لنا عمل في مستوى اعماله السابقة الا ان الكاميرا الخفية الخطاب ع الباب كانت متواضعة جدا و غير موفقة لان الممثلين لم تكن لهم اي علاقة بالوضعيات الضاحكة و فكرة ايقاع ام في فخ رجل شبقي يخطب ابنتها لم تكن مدروسة بالشكل الكافي كفكرة كاميرا خفية و قربت اكثر للسكاتش الطويل و هذا تجلى في الحلقة الثالثة من العمل خاصة.
الانذار الواضح هو ان حقوق الملكية و الفكرية و الادبية تقتضى حقا عدم سلب عنوان رسخ في الذاكرة الشعبية التونسية و هو الخطاب ع الباب لكاتب مازال حيا و هو علي اللواتي و مخرج رحمه الله و هو صلاح الدين الصيد و لا نعرف لماذا عنوان هذا العمل الذي وقع استساخه رغم انه يعنى الكثير للتونسيين كجزء من المخيال الشعبي الوطني.
فوجب على رؤوف كوكة الاعتذار حقا من الخطاب ع الباب الحقيقي و الاعتذار مرتين لان الكاميرا الخفية شوهت المسلسل الناجح جدا.
الدراما: الفلوجة يحيد عن قيم المجتمع التونسي و سقطة فنية واضحة
مسلسل الفلوجة على قناة الحوار التونسي كان عثرة فنية و سقطة على مستوى بعض المشاهد الواضح انها مسقطة و متعفنة فمشهد الطفل الذي يضع "بلوطة" ووشم و المستهلك للمخدرات في معهد تونسي يعد مشهد طفيليا على الدراما و لا اساس للصحة انه نقل للواقع لانه كان غير موظف و جل المشاهد امام المعهد كانت غير موظفة و اساءت للدراما قيل ان تسيئ للمجتمع التونسي و ما قدم يعد من قبيل المدرسة المباشرتية التوثيقية التي تتناول فعلا قبيحا بطرح اقبح رغم ان العمل تقنيا ممتاز و فيه بعض المشاهد الموفقة و خاصة عمل جيد على مستوى ادارة الممثل من حسام الساحلي الان المخرجة تمادت في جعل الواقعي مستباحا فاذا كانت الدرما سلخا و نقلا للاجرام و المخدرات و العنف في المدارس و الدم و الاعتداء على الاطفال بدعوى انها تنقل الواقع فلا مجال حقا ان نسميه مسلسلا و ممكن ان نقول انه فيديو مطول وثائقي لاحد التصرفات الشاذة للمؤسسة التربوية و مع الانحدار الرهيب للقيم التربوية و ترذيل دور الاستاذ و التلميذ.
لعبة نسب المشاهدة
ان لعبة نسبة المشاهدة تدخل في اطار فضول المواطن التونسي و تعنى اطلاقا اعجابه باي عمل فالمشاهدة هي الفضول لا ننكر ان الفلوجة هو العمل الذي صدم الناس لكن هذا لا يبرئه من عدة سقطات فنية واضحة في طريقة الطرح و طريقة المعالجة و لا نعتقد ان الموجة المعارضة تنساق في طائلة الصنصرة بقدرما ازعجها حقا سوء الذوق سوء التقدير لمحاكاة المشاغل الاجتماعية كما ان زج عدة شباب مراهقين في خانة الادوار البطولية يعد حقا مغامرة غير محمودة العواقب في بداية مسيرتهم بقي ان مسالة منع المسلسل من عدمه تبقى مسالة اختيارات فكان من باب اولى و اخرى القيام بصنصرة ذاتية دون الرجوع لمسالة رمزية مدينة الفلوجة و ما يمكن ان تخلقه من صراعات ديبلوملسية مع العراق الشقيق.
و بدى مسلسل الجبل الاحمر في الوطنية الاولى اكثر صلابة على مستوى الطرح و قوة الايحاءات و الصور الاجتماعية فاذا كانت الفلوجة قد صورت مشاهد في صلب مؤسسة تربوية بعينها لتصورها في قالب المدنس لكل ماهو تربوي فان الجبل الاحمر حقق صعودا من فتيل الجريمة في حي شعبي بعينه و هنا مقدرة المخرج ربيع التكالي الخارقة في جمع جل الكفاءات القديمة و الجديدة على مستوى التمثيل و تقديم عمل محترم جدا و هي كفاءات ضاعت عن الفلوجة رغم ان الجبل الاحمر سقط احيانا في بوتقة العنف و الدموية الا انه وفق اجمالا في نقد مجتمعي و ليس نقد اقطاعي و هنا تميز العمل الثاني عن الاول.
هذه قراءة اولى في الاعمال الرمضانية كوميدية و تراجيدية لكن نخشى ان تمخض الجبل وولد فارا باعتبار ان الهالة الاعلامية و النصوص الاشهارية توحى لنا اننا سنرى اعمالا غير عادية لكن عيوننا كبرت على الاعمال القديمة التي ترمز لجيل الدراما الكلاسيكية شكلا لكن الحديثة مضمونا فالقديم في الدراما مازال جديدا و مجديا و العاصفة و قمرة سيدي محروس و الخطاب ع الباب هي اعمال مازالت صالحة في وقت كانت للدراما حرمة و هيبة و اذا عرف السبب بطل العجب.