"رأيت امرأة ميتة يوم أمس، وكانت تتنفس مثلنا"، هكذا وصف غابرييل غارسيا ماركيز ما يمكن أن يكون أقسى حالات الموت، موت امرأة وهي على قيد الحياة. الموت الذي لا يتطلب توقف النبض، بل انطفاء الروح، تسلل الحزن إلى الأعماق، وانكسار الأمل في عينيها.
مقالات ذات صلة:
ورشة عمل حول الصحة النفسية تنظمها الشببية النسائية بالاتحاد الوطني للمرأة التونسية
ورشة عمل لتعزيز المساواة والتمكين الاقتصادي للمرأة في تونس سعيا لارساء مجتمعات أكثر عدلا
تمكين المرأة الريفية: مشاريع جديدة لإدماج النساء في جندوبة وإحياء الأمل بعد الكوارث
الموت خلف القناع اليومي
تعيش المرأة أحيانًا مراسم دفنها لوحدها، بعيدًا عن الأنظار. هي تلك اللحظة التي تخسر فيها الابتسامة العفوية على وجهها، وتصبح الألوان الزاهية في حياتها مجرد روتين، لا تعبيرًا عن سعادة حقيقية.
تموت المرأة حينما تغلق أبوابها أمام الحب، ليس فقط حب الشريك، بل حب الحياة، الأصدقاء، وحتى الأحلام. ابتسامتها الساخرة حين يُذكر الحب ليست قوة، بل قناع لإخفاء جرح غائر.
دفن داخلي بلا جنازة
تمضي المرأة التي "ماتت حيّة" وقتها في طقوس حداد سرية؛ تُدفن أحلامها في أعماقها، وتعيش جنازتها بلا شهود. تُعيد ترتيب حياتها، تمسح دموعها، تضبط مظهرها بعناية، وتخرج إلى العالم وكأنها لم تُكسر أبدًا. لكن خلف الأناقة والتصنع، تختبئ روح متهالكة تبحث عن بصيص حياة.
علامات الموت البطيء
فقدان الابتسامة الصادقة: الابتسامة المصطنعة تصبح درعًا ضد تساؤلات الآخرين.
الخمول العاطفي: عدم انتظار عناق أو لمسة دافئة.
السخرية من الحب: تعبير عن خيبة أمل دفينة.
اختفاء الشغف: انطفاء النور في عينيها، وكأن الحياة أصبحت بلا لون.
قصص من الواقع: شهادات عن الموت الصامت
أُجبرت على التضحية بأحلامي من أجل عائلتي. اليوم أعيش، لكنني لم أعد أنا
بعد أن فقدت طفلي الوحيد، شعرت بأن جزءًا مني دُفن معه. أضحك بين الناس، لكن في داخلي كل شيء انتهى
كيف تُبعث المرأة من جديد؟
رغم هذا الموت البطيء، تبقى المرأة قادرة على النهوض. الحياة ليست سهلة، ولكن إحياء الروح ممكن من خلال:
التواصل مع الذات: البحث عن هوايات وشغف قديم.
الدعم النفسي: التحدث مع أشخاص داعمين أو مختصين.
إعادة تعريف السعادة: التركيز على التفاصيل الصغيرة التي تمنح البهجة.
الاستقلال العاطفي: بناء القوة من الداخل، دون الاعتماد على الآخرين.
في النهاية
كم من امرأة نراها يوميًا تبتسم، تتألق، وتبدو قوية، لكن خلف هذا كله، تعيش موتًا صامتًا؟ موت المرأة الحية ليس مجرد كلمات أدبية، بل حقيقة مريرة عن الألم والخذلان الذي قد تتجرعه يوميًا. ومع ذلك، تبقى قصتها رسالة أمل: قد تكون الحياة صعبة، لكنها تستحق دومًا فرصة للبدء من جديد.