ناقش الكاتب البريطاني روجر بويز آثار معركة الموصل على تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنه "لن ينتهي" في هذه المعركة.
وقال المعلق المعروف في صحيفة "التايمز" البريطانية، الأربعاء، إن التنظيم سيعيد تجمّعه بعد معركة الموصل، حتى لو انتصر التحالف الذي يقوده الجيش العراقي.
ودعا الكاتب إلى عدم انتظار النسخة الثانية من معركة "ستالينجراد" الملحمية، التي قلبت بها روسيا الموجة ضد هتلر، في عام 1943، حيث إن الهجوم ضد تنظيم الدولة في الموصل لا يتوقع أن يحمل تغييرا تاريخيا كبيرا.
وأضاف: "على العكس، إذا حصل خطأ في المعركة على نهر دجلة، فإن تنظيم الدولة سيعيد صعوده كأكبر تنظيم إرهابي في العالم".
جائزة تستحق
ووصف الكاتب معركة الموصل بـ"الجائزة التي تستحق"، حيث إنها ستوقف اندفاع "الشباب المسلم الغاضب" للتنظيم، وتقطع أمواله، وتنهي له آخر تواجد مدني في العراق، مؤكدا أن انتصار الجيش العراقي سيمحو ذكرى هروبه الجماعي "المعيبة" في 2014، حيث يقاتله التنظيم ببعض الأسلحة التي تركها الآن.
وتابع: "إذا انتصر الجيش العراقي، فإن إدارة أوباما، التي حصلت على نصيب الأسد من التدريب والتسليح، ستبدو أفضل"، مشيرا إلى أن الأمور ستكون بأفضل الأحوال إذا استطاع الجنود العراقيون الدخول قبل 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، يوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
احتمال منطقي
واعتبر الكاتب أن هناك احتمالا منطقيا لخروج تنظيم الدولة من الموصل، حيث كانت القوات العراقية تعد للمعركة، موجهة من الأمريكيين والبريطانيين والأستراليين، بالإضافة لاتفاق بين العراقيين والبيشمركة الأكراد، الذين يقاتلون معا للمرة الأولى، وهناك قوات سنية تدربت في تركيا، ومليشيات شيعية، في مجموع يصل إلى 50 ألف عراقي ضد 4000 مسلح من التنظيم، بالإضافة لعامل القصف الجوي للتحالف.
واستدرك بويز بقوله إنه لو كان هذا تدريبا عسكريا ضد عدو تقليدي، لما كان هناك شك بالنتائج، إلا أن الحسابات تؤكد على ضراوة تنظيم الدولة، حيث استطاع الصمود، دون السيطرة على مساحات واسعة من الأرض.
إلا أن زعماء التنظيم فقدوا بعض القدرات على التحرك والمفاجأة بتشكيل "مجتمعات ستاتيكية"، حيث تضاعفت أعدادهم خلال الأعوام القليلة الماضية، وهي تشكل شبه دولة، لكن التكلفة ارتفعت، والأرباح انخفضت.
تحرر من الإدارة
واعتبر الكاتب أنه إذا تحرر تنظيم الدولة من إدارة الأراضي، فهو يملك آلاف الرجال القادرين على شن هجمات مميتة في العراق والجزء الشرقي من سوريا، وتصدير القتلة للبلدان الإسلامية والمسيحية.
وستكون الخلافة، التي مثلها تنظيم الدولة بإدارة الموصل، "إلهاما روحيا" للجهاديين، بدل أن تكون مجرد مكان لاستئجار شقة وسبية، بحسب قوله.
وأشار الكاتب إلى أن استمرار المعركة سيظهر هشاشة القوات المشاركة فيها، حيث سيكون هناك تنافس بين الجيش العراقي والأكراد والمليشيات الشيعية لدخول المدينة، وتأمين الجبهات، فيما قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه لن يدع الأكراد يدخلون المدينة، حيث يتوقع أن يستخدموها لتأمين الدولة، بينما سيمنع المليشيات؛ لأنه يخشى أن الموصليين سيعتبرون متعاونين مع التنظيم.
وأوضح أن هذا السبب الذي دفع ملايين الموصليين إلى مغادرة المدينة، فيما يتوقع أن يستغل التنظيم هذا الأزمة الإنسانية، ويفجر الأنهار على نهر دجلة، ويفسد الشبكة الكهربائية، متسائلا: "هل سيكون العبادي قادرا على السيطرة عند دخول الموصل بهذه الفوضى؟ على الأغلب لا"، معتبرا أن الأمر قد ينتهي بحالة شبيهة ببيروت في الحرب الأهلية.
التنظيم ينتظر
وقال الكاتب إن كل ما يفعله تنظيم الدولة هو انتظار انهيار التحالف، وتشجيع التوترات بين الحلفاء المتناقضين، حيث سيسطر على بعض المناطق، ويبدأ حرب عصابات؛ حتى تنهار معنويات الجيش العراقي، مستغلا الأنفاق التي كان يحفرها لعامين، حيث يمكن أن يصمد لشهور، وستبدو الموصل كجبهة متجمدة.
ودعا بويز إلى أن يكون للجيوش المشتركة خطة للحوكمة، بالإضافة للتقدم، حيث يبدو الهدف هو إخراج التنظيم من الموصل، وإعلان العراق منطقة خالية من التنظيم، والتحرك إلى الرقة.
واعتبر أن هذا وحده سيجعل التنظيم يعود، مؤكدا أن ما يجب هو إصلاح الجيش العراقي، وتضمن السنة في صفوفه، داعيا للعمل مع بغداد؛ لتشديد الحدود مع سوريا، بحيث لا ينتقل تنظيم الدولة من بلد إلى آخر بسهولة، مؤكدا أن الغرب أقنع نفسه بأن التنظيم متراجع في الشرق الأوسط، رغم أن الاستخبارات تقول غير ذلك.