تعتبر عديدة الأسماء التي قدمت الكثير للرياضة التونسية في مختلف الرياضات والاختصاصات إلا أنها وجدت نفسها لسبب آو لأخر خارج الذاكرة الرياضة التونسية مما يدفعنا من وقت إلى آخر إلى النبش في التاريخ و إعطاء البعض من هذه الأسماء و لو القليل من حقها بما أنها كانت خير سفير للرياضة التونسية نظرا لما حققته من إنجازات.
أسماء لا تزال معنا شاهدة على أيام الزمن الجميل و أخرى غادرت في صمت سبقه الم كبير ... الم نكران الجميل و لعل احد هذه الأسماء الملاكم الطاهر بلحسن الذي رحل منذ اسبوع عن عالمنا تاركا وراءه انجازات قد تنتظر الملاكمة التونسية سنوات وسنوات لتحقيقها.
من هو النجم العالمي الطاهر بلحسن
لن تكفي بعض الأسطر لاختزال مسيرة بطل كبير و نجم عالمي كتب تاريخ الملاكمة التونسية بأحرف من ذهب ... الطاهر بلحسن ولد في 14 جويلية 1941 و تدرب وهو في سن 17 سنة تحت أنظار المدرب الكبير وصانع الأبطال التونسي «جو غايز» وتعلم منه أصول رياضة الفن النبيل وقواعدها الصحيحة, منذ دخوله رسميا للحلبات سيطر « عم « الطاهر على كل وزن شارك فيه حيث تحصل على بطولة تونس في وزن الذبابة ثم كان بطلا لوزن الديك ثم بطلا لوزن الريشة لم ينازعه أحد في كل وزن صعد له و كان يرسم النجاح تلو الآخر وهذا ما فتح له أبواب المنتخب الوطني والمشاركات الدولية حيث أحرز على فضية في أول بطولة أفريقيا في الملاكمة التي احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة سنة 1962 كما حصل على الذهب في دورة الصداقة بداكار السنيغال سنة 1963 لتتوالى النجاحات حيث أحرز على فضية في النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية التي احتضنتها الكونغو عام 1965، كما شارك في الألعاب الأولمبية مرتين وذلك بروما عام 1960 و طوكيو عام 1964 ثم خيّر بعد ذلك الدخول لعالم الاحتراف و هنا سيولد بطل جديد دارت له الرقاب.
الطاهر بلحسن دخل عالم الاحتراف من أوسع أبوابه وتحديدا في 25 أفريل 1966 ومن باريس انطلق بمنافسه الفرنسي ميشال جاميت بالضربة الفنية القاضية ثم تتألت الانتصارات و كان أبرزها يوم 21 ماي 1962 في برشلونة عندما أطاح البطل التونسي وبالضربة القاضية ببطل أوروبا والعالم الإسباني من أصل كوبي «خوزي ليغرا» ليصبح حديث الصحافة العالمية ويصبح بهذا الإنجاز ضمن أفضل الملاكمين في العالم لوزن الريشة و هو ما مكنه من بلوغ نصف نهائي بطولة العالم بالمكيسك ثم انهزم بالنقاط في نزاله على بطولة العالم لحزام المجلس العالمي للملاكمة أمام البرازيلي «إيدي جوفر».
من تونس نهاية درامية لكنها لا تمحو ما حققه بطلنا
لم تكن نهاية مشوار الطاهر بلحسن في عالم الملاكمة كما أحب عشاقه ومتابعوه أن تكون في ليلة 2 فيفري من سنة 1974 غصت القاعة المغطاة بالمنزه بالجماهير التي جاءت خصيصا من كل ولايات الجمهورية لتشاهد نهائي بطولة أفريقيا بين بطلنا و الغاني «دافيد كوتيي» و رغم أسبقية الطاهر على جميع المستويات إلا أن المفاجأة حصلت بعد ان تلقى بطلنا ضربة قاضية من منافسه في الدقيقة الأولى من النزال الذي كان في فئة 15 جولة ليسقط أرضا و ينتهي النزال بتلك الهزيمة غير المتوقعة والتي لم ينتظرها أحد, واختار بعدها «عم « الطاهر أن ينهي مسيرته رغم الدعوات بمواصلة المشوار مع القفازات... نهاية لا يمكن أن تحجب ما حققه الطاهر بلحسن من نجاحات و بطولات جعلته يتربع على عرش وزن الريشة.
عالم التدريب
اختار الطاهر بلحسن الابتعاد عن النزلات بعد الهزيمة التي لم يتوقعها حينها احد لم يمنعه من مواصلة عشقه للحلبة لكن بقبعة المدرب ليتخرج على يديه عديد الأبطال من العديد الجمعيات الكبرى والنوادي... بطل جديد غادر الساحة الرياضية في صمت و أمام غياب شبه كلي لجامعة الملاكمة التي لا زلنا نبحث الى حدود اليوم عن الدور الذي تقوم به حيث لم توفق لا في الإحاطة بقدمائها من الناحية المعنوية و لا صناعة أبطال جدد لرياضة كانت رقم 1 في تونس دون منازع ...
حافظ اوانس - جريدة المغرب