"عندما تسلم عمر كرسي الخلافة قطع وعدا بحكم عادل نزيه وقال: والله ما فيكم أحداً أقوى عندي من الضعيف بم حتى آخذ الحق له ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه" وقد تطبق ما قال بالضبط على أرض الواقع" الكاتب الألماني وايزمر.
"يا إخوانى أنتم الآن أمام لحظة تاريخية، أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة إن شاء الله في الخلافة الراشدة السادسة إن شاء الله، مسؤولية كبيرة أمامنا والشعب قدم لنا ثقته، ليس لنحكم لكن لنخدمه" ، تلك هي العبارات التي اطلقها القيادي النهضاوي حمادي الجبالي واستغلها خصومه وخصوم النهضة ليبنوا عليها حملاتهم التشويهية التي استمرت الى حد دخوله السلطة وما بعد خروجه منها ، الرجل تمنى ان تكون خلافة سادسة او تمنى ان يتم استلهام معاني الخلافة كما عبر عن ذلك لاحقا فاهتزت تونس وزلزلت بل "اتْسونامت" ووقعت هزات ارتدادية في القاهرة و وبعض العواصم العربية الاخرى ، وطبعا ثارت حساسية باريس اين وشوش الصبايحية الى فرنسا بان مستعمرتها السابقة تتعرض الى وابل من المعاني والمثل الاسلامية ولابد من التحرك على جناح السرعة ،هناك طفحت حساسية بعض النخب من عبارة الامين العام لحركة النهضة وتحدثت ركبانهم بان الجبالي يذكر دين محمد "صل الله عليه وسلم" بخير ، وانه يحث التونسيين على التزود منه.
بعد ما يناهز الست سنوات من واقعة الخلافة ، جاء يوسف الشاهد ليؤكدان حكومته تسير على خطى عمر ابن الخطاب وبالتالي على خطى الخلافة الثانية ، ورغم ان الفارق بين خلافة الجبالي وخلافة الشاهد 4 خلافات بالتمام والكمال ، ورغم ان خلافة الشاهد اقرب الى العهد النبوي وبالتالي الى البعثة والهجرة وبدر والحديبية والفتح والخندق والاحزاب ، رغم ذلك لم تظهر بوادر لتسونامي ولا اهتزت الارض ولم نلحظ حتى "رُجَيجة" صغيرة من قبيل ذر الرماد ،
ونحن إذْ نشنع بصمت قوى الخزي وميكافيليتها الرخيصة لا نعترض على العبارة التي ساقها الشاهد وان كانت من باب القول المفصول عن الفعل ، بل بالعكس على كل مسلم ان يحتفي باقتفاء اثار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة الفاروق عمر ابن الخطاب ، ذلك العملاق الذي قال فيه عبد الله بن عمر : تعلم عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، سورة البقرة في ثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزورا .. وقال عنه ابن مسعود : كان إسلام عمر رضوان الله عليه فتحاً، و كانت هجرته نصراً، و كانت إمارته رحمة.. وقال فيه سفيان الثوري : كان أمير المؤمنين عمر رضوان الله عليه، يشتهي الشيء لعله يكون بثمن درهم، فيؤخره سنة .. وقال عنه الكاتب الاسكتلندي ويليام موير : كانت البساطة والقيام بالواجب من أهم مبادئ عمر واظهر ما اتصف به إدارته عدم التحيز والتعبد وكان يقدر المسؤولية حق قدرها وكان شعوره بالعدل قويا ولم يحاب احد في اختيار عماله مع انه كان يحمل عصاه ويعاقب المذنب في الحال حتى قيل إن درة عمر اشد من سيف غيره إلا أنه كان رقيق القلب وكانت له أعمال سجلت له شفقته على الأرامل والأيتام.. ، وقال عنه الكاتب والمؤلف الامريكي واشنطن ايرفنك في كتابه محمد وخلفائه : إن حياة عمر من أولها إلى أخرها تدل على انه كان رجلا ذا مواهب عقليه عظيمه وكان شديد التمسك بالاستقامة والعدالة وهو الذى وضع أساس الدولة الإسلامية ونفذ رغبات النبي محمد "صل الله عليه وسلم"وثبتها وآزر أبا بكر بنصائحه في أثناء خلافته القصيرة ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع البلدان الذي فتحها المسلمون .. ، وجاء عنه في الموسوعة البريطانية : لقد تحولت الدولة الإسلامية في عصر عمر من إمارة عربية إلى قوة عالمية.وخلال هذه الفتوحات الرائعة وضعت سياسة عمر المنضبطة جدا المبادئ لإدارة البلدان المفتوحة,وان تركيبة الإمبراطورية الإسلامية التي قد حكمت بعده بما تتضمنه من خبرة قانونية يعود الفضل بوجودها إليه..
نشجع من يقتدي بعمر ونشجع من يتصنع الاقتداء بعمر لعل مجرد التمسح بعملاق الاسلام يقود صاحبه الى الاقتداء الفعلي بسيرته ، نشجع الشاهد على مجرد الاقتباس من سيرة عمر ، لكننا لا نشجع خلايا الجعلان النائمة التي تنتقي في وثباتها الغادرة ، تتصيد امين عام يذكر الخلافة بخير وتتلصص على وزير تربية يصلي التراويح.