في سابع عشر دورة من مهرجان أريانة، تأتينا من الخشبة فنانة متميزة لتصدم الجمهور بعرض فني يمزج بين الأداء المسرحي والجرأة المعاصرة. تعتبر منال عبد القوي نموذجًا مثيرًا للفنانة العربية التي تجسد المشاكل الاجتماعية والثقافية بطريقة ملهمة ومثيرة للجدل.
في ليلة أمس، خطفت منال عبد القوي قلوب جمهور مهرجان أريانة بعرضها المثير "ميرحية شروق مريم". بدأت العرض بمزيج مذهل من اللغة العربية الفصحى واللهجة التونسية الدارجة، ما أضاف لمسة من التنوع اللغوي والثقافي. من خلال تلك العرض المميز، تجاوزت منال حدود اللغة والثقافة لتصل إلى قلوب المثقفين والمواطنين على حدٍ سواء.
عندما تؤدي منال دور مريم أو شروق، نجد أنها ليست مجرد ممثلة بل صوتًا للمرأة التونسية، التي تعيش تمزقًا مؤلمًا بين الحلم والواقع، وتواجه تحديات اجتماعية وثقافية تثير التساؤلات والنقاشات. يتم تجسيد هذا التناقض بشكل رائع من خلال العرض، حيث تتعامل منال مع القدر والواقع بطريقة تمزج بين الشجاعة والضعف.
المسرحية لم تقتصر على التمثيل فقط، بل تم تداخلها بشكل متقن مع مقاطع غنائية، مما أضفى على العرض طابعًا مسرحيًا فرجويًا فريدًا. إن منال عبد القوي استطاعت من خلال هذا الجمع بين العناصر الفنية المختلفة أن تخلق تجربة تفاعلية تمس قلوب الجمهور بشكل عميق.
لكن ما جعل هذا العرض مميزًا حقًا هو الجرأة التي طبعته. استطاعت منال من خلال طرحها لبعض المواضيع الجريئة أن تثير تفكير الحاضرين وتفجر مناقشات مهمة. هذه الجرأة لم تكن مجرد هدف في ذاتها، بل كانت وسيلة للتواصل مع الجمهور وإلهامه للتفكير في قضايا مهمة تمس الحياة اليومية.
ليس من العجب أن يحظى مهرجان أريانة بتنظيم ممتاز وإشراف فني دقيق من قبل السيدة ليلى العياشي، التي تعكف بلا كلل على تقديم تجربة فنية متميزة للجمهور. المهرجان ليس مجرد مناسبة للتسلية، بل هو فرصة لتعميق الحوار الثقافي وتوفير مساحة للفنانين للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم.
باختصار، منال عبد القوي نجحت في تقديم عرض مسرحي استثنائي في مهرجان أريانة، استطاعت من خلاله توجيه رسائل فنية جريئة وملهمة. الجمهور استقبل هذه الجرأة بتفهم وقبول، لأنهم اعترفوا بأن هذه المواضيع هي جزء من واقعهم المعاش. تأكيدًا على أهمية المسرح في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية وتشجيع التفكير المعاصر.