تألقت مسرحية "تراب الجنون" الجزائرية على خشبة مسرح أيام قرطاج في إطار فعاليات الدورة 24 من المهرجان المسرحي. العرض، الذي قدمه فريق المسرح الجهوي محفوظ بن دهينة من ولاية بشار تحت إخراج مختار حسين، حظي بإعجاب جمهور الفن الرابع.
تدور أحداث المسرحية في إطار تاريخي يرجع إلى فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، حيث يعمل مجموعة من عمال المناجم في ظروف قاسية تحت الأرض في منجم لاستخراج الفحم. يتم اكتشاف تراب أسود يحتوي على الفحم الحجري، ويتم استغلال هذا الاكتشاف بوحشية من قبل المستعمر الفرنسي.
العرض الذي استمر لمدة 65 دقيقة جسّدت خلالها عشرة ممثلين قصة العمال الذين اكتشفوا التراب الذي يحمل لهم الفحم، وكيف واجهوا الظروف القاسية والاستغلال والظلم. يتناول العمل قضايا العزلة، والتضامن، والصراعات الطبقية التي كانت حاضرة في تلك الفترة التاريخية.
مختار حسين، المخرج المبدع، استخدم ديكورًا منسجمًا مع سياق الأحداث، حيث جسدت دهاليز المنجم بشكل واقعي مع مصابيح وفوانيس وسكك حديدية، والملابس كانت تعكس حالة الشخصيات وظروف العمل الصعبة.
تفاعلت الألوان الداكنة والزرقاء في الإضاءة مع الحالة النفسية للشخصيات، مما أضفى جوًا من التوتر والحيرة على العرض. كما تناولت المسرحية الصراعات الاجتماعية والاستعمار بشكل عام، مستلهمة قصتها من حقائق تاريخية حدثت في الجزائر.
يبرز العمل الفني هذا الصراع الدائم ضد الظلم والاستغلال والتضامن كوسيلة للتغلب على الصعاب. يظهر المخرج من خلال مسرحيته رفضه للآلة الاستعمارية التي تسعى لنهب ثروات الأمم وتجريدهم من إنسانيتهم.
بهذا العرض، نجحت "تراب الجنون" في نقل جمهور أيام قرطاج إلى فترة ما قبل الاستعمار، حيث تألقت الممثلين في تقديم أداء قوي يعبر عن الصراعات الإنسانية والمطالبة بالعدالة والحرية.