على هامش اختتام الدورة السادسة لمهرجان المسرح المدرسي الفرنكوفوني بالمحرس، كان لنا حوار مع السيد محمد المنصف القلسي، واحد من رجالات التربية بصفاقس بخبرة تجاوزت الخمسين عاما في الحقل التربوي.
تفاصيل الحوار في الورقة التالية
* كيف تقدّم نفسك و سيرتك التربوية الطويلة للقراء ؟
- محمد المنصف القلسي باعث و مدير المدرسة الابتدائية الخاصّة " روكاريا سكوول "، متفقد أوّل للمدارس الابتدائية متقاعد منذ جوان 2010، بعد أن قضيت أكثر من 40 سنة في الحقل التربوي 15 سنة منها بوصفي معلما بمدارس تونس العاصمة وصفاقس المدينة والباقي في مجال الاشراف البيداغوجي بوصفي متفقدا ومكونا للمدرسين الجدد بالمعهد الأعلى لتكوين المعلمين بصفاقس.
في جرابي عديد من الملتقيات و البحوث التربوية أذكر منها خاصّة: "بحث ميداني حول أهميّة الأنشطة الثقافية في تطوير الكفايات المعرفية و السلوكية لدى تلاميذ المدارس المصنفة ذات أولويّة تربويّة".
* وكيف تقدم مشاركتكم في هذا المهرجان؟
- اسمح لي بداية أن أشير ألى كوني بعثت المؤسسة التربويّة الخاصّة " روكاريا سكوول" بتاريخ 16 سبتمبر 2016 وهي تحتفل آخر هذه السنة الدّراسيّة 2021/2022 بتخرج أوّل دفعة من تلاميذها الذين قضوا بها ست سنوات. وهي حلم حاولت من خلاله إعادة متعة العمل المدرسي بالنسبة للتلاميذ و المدّرسين على حدّ السواء و تحسين فعاليّة التعلّم و التعليم. ومن هذا المنطلق جاءت مشاركتنا في هذا المهرجان.
* وكيف تقيم هذه المشاركة؟
- رغم إيماننا بأهميّة المسرح في بناء شخصيّة الطفل فإنّني أشارك للمرّة الأولى في هذا المهرجان الرّائد في دورته السادسة. المسرحيّة التي شاركت بها أعددت كتابتها للأطفال انطلاقا من "خرافة عالمية مشهورة " " عروس البحر و الأمير " « la petite sirène et le prince ».
و قد تصرّفت في محتواها و أعددت إخراجها في صيغة فريدة و جديدة توفّق بين فنّ الحكاية و المسرح الركحي « Un conte théâtralisé »و هي تطرح قضية أساسية في حياتنا اليوميّة ألا وهي تلّوث المحيط.
و قد نجح المهرجان في استقطاب العديد من المؤسسات التربوية التي أصبحت ترغب في المشاركة لإيمان جلّ المربين بأهميّة المسرح في صقل المواهب الفردية لأبنائنا التلاميذ و تحسين كفاياتهم اللّغويّة (اللّغة الفرنسية هنا)
التجربة أبهرتني حقيقة على عدّة مستويات وزادت قناعتي بأن نجاح العمليّة التربويّة لا يستوجب اعتمادات ماديّة بقدر ما يستوجب إيمان المربين و الساهرين على هذا المجال الحيوى بتمكين أبنائنا التلاميذ من فرص جديدة لصقل مواهبهم و تفجير طاقاتهم الكامنه و إصلاح سلوكاتهم الفرديّة و ترشيدها و تطوير شخصياتهم الفرديّة.
* وهل من رؤية نقدية للمهرجان؟
- أعتبر المهرجان نقطة مضيئة في نفق مظلم لكلّ من يروم الاصلاح التربوي و إيحاد الحلول للقضايا التربويّة المتعدّدة التي يشكو منها نظامنا التربوي الحالي.
لقد نجح المهرجان في إعادة الثقة لأبنائنا التلاميذ في أنفسهم و إمكانياتهم الفردية و ساهم في صقل مواهبهم و تحسين مكتسباتهم اللّغويّة ... أعجبت بمستوى تنظيم هذه الدورة التي تمت على مدى أربعة أيّام متتالية في نظام محكم التسيير و حفاوة في الاستقبال و التكريم...
أّشير فقط إلى مزيد انتقاء الأعمال المقترحة في دورات تسبق المهرجان ووضع محكّات و معايير لتقييم الأنشطة الركحية المقترحة من قبل المؤسسات التربويّة و المربين مع التفكير في تنويع الأنشطة في جميع اللّغات : العربية / الفرنسيّة و الانقليزية ... (كما يمكن أيضا توظيف التكنولوجيات الحديثة و حسن استخدام تطبيقاتها المتعدّدة في هذا المجال أيضا).
* بحكم خبرتك في مجالات متنوعة ، كيف ترى واقع الحياة الثقافية في مدارسنا و كيف السبيل لمزيد تطويره؟
- رغم المجهودات المبذولة من قبل وزارة الإشراف و المندوبيات الجهويّة وإيمان المسؤولين بهذا اللّون من النشاط فإن استثماره بمؤسّساتنا يبقى محدودا و لم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب و هذا يعود أساسا لعدم تكوين المربين في مجالات الأنشطة الثقافية و تمكينهم من المساحات الزّمنية و الفضاءات الركحية لتجسيم مشاريعهم...
كلّ ذلك يستوجب إعادة النّظر إلى هذا اللّون من النشاط لا على أساس تسديد أوقات بعض الفراغات بل بإدماجه صلب التوقيت الرسمي للمتعلمين بحسب ميولاتهم و مواهبهم مع الإحاطة بالمربين و مرافقتهم بصفة منتظمة ...
* كلمة الختام
- أتقدّم بجزيل الشكر إلى كلّ الساهرين على هذه التجربة الرّائدة و أحيّي مجهوداتهم الجبّارة لإنجاح هذا المهرجان في دورته السادسة وأثمّن ما حقّقوه من نجاحات واضحة و إنّي على ثقة من أنّه قد نجح في استقطاب العديد من المربين و التلاميذ و أوليائهم و كرس قناعاتنا بتوظيف الأنشطة الثقافية بمختلف ألونها في تكوين شخصيّة الطفل في جميع أبعادها العرفانيّة و الوجدانيّة و الاجتماعيّة ...
و لا يمكن أن ننظر إلى هذا اللّون من النشاط في بعده الترفيهي و الإبداعي فحسب بل باعتباره مكوّنا أساسيا لمدخلات الاصلاحات التربويّة المنشودة و الخروج من الأزمة الخانقة التي تردّى فيها نظامنا التربوي ...
و لا يمكن النجاح في مثل هذا المشروع الطموح إلاّ بتضافر جميع المجهودات من وزارة إشراف و مربين و أولياء و المجتمع المدني عبر العمل الجاد و المشترك لإدماجه صلب العمليّة التربويّة وتوفير الامكانيات الضروريّة و ضمان المتابعة البيداغوجيّة .