استطاع الأستاذ الروائي نعمان الحباسي أن ينحت انفسه اسما هاما في المشهد الثقافي التونسي من خلال إدارته للمركب الثقافي "الصحبي المسراطي" لسنوات، ومن خلال تقلّده لخطة مندوب جهوي للشؤون الثقافية بالكاف منذ أعوام ومن خلال إصداره لكتاب بعنوان "محضنة المشاريع الثقافية: استراتيجية العمل الثقافي بولاية الكاف ـ خصوصية البرمجة والتكوين" ولروايتين، الأولى بعنوان "شقائق الشيطان" والثانية بعنوان "حمير المدائن"، وهو كذلك خبير في الإدارة الثقافية.
استضفناه، وحاولنا إحراجه في حوار استثنائي، نقرأ تفاصيله في هذه المساحة:
* أصعب الكلام بدايته، فكيف نبدأ هذا الحوار؟
ـ بالورد، بالحب، بالجمال، بالإقبال على الحياة.. نبدأ من حيث تشاء.
* كيف توفّق بين الكتابة وبين مسؤوليتك الإدارية كمندوب جهوي للشؤون الثقافية بالكاف؟
ـ لا أكتب على حساب وقت الإدارة، لأنها مسؤولية، ولأن هذا الوقت ليس ملكا لي، لكنني أكتب على حساب وقتي ووقت عائلتي وخلال العطل الشغلية، وكما تعلم ويعلم الكثير، فروايتي الأولى "شقائق الشيطان" كتبتها خلال فترة الحجر الصحي لسنة 2020.
* هل يعني هذا أنه لولا فترة الحجر الصحي المذكورة، لما صرت روائيّا؟
ـ روايتي "شقائق الشيطان" ظلت تراودني لفترة طويلة، إلا أن الوقت والتردّد منعاني من كتابتها في إبّانها، ولكن في فترة الحجر الصحي توفّر الوقت وزال التردّد الذي لا أعتقد أنه سيعود بما أنني أصدرت بعدها روايتي الثانية "حمير المدائن".
* ألا تفكر في كتابة أنماط أدبية أخرى بعد الرواية؟
ـ وجدت نفسي في الرواية، وحاليا لا أفكر إلا فيها، ولكن مع ذلك انا أكتب الدراسات وستكون لي سنة 2023 دراسة حول العمل الثقافي وتاثيره على الحياة المدرسية، كما أنني بصدد كتابة بحث آخر ضمن دراستي للمرحلة الثالثة، وربما ستكون جاهزة للنشر في 2024، لكنني حاليا لا أفكر في أنماط اخرى، وأعتقد أنه من الضروري عدم تشتيت الذات بين أصناف أدبية متعددة لضمان الجودة، وبالتالي الإبداع.
* كيف تقيّم المشهد الروائي بتونس؟
ـ هناك أعمال روائية جيدة، وهناك أعمال متوسطة وأخرى رديئة، وهذا أمر طبيعي لأنه موجود في كل ساحة، لكن غير الطبيعي هو تغييب النقد وقلة الدعاية وندرة القارئ، وما يؤلم أكثر من كل هذا هو وجود أشخاص يقدحون في بعض الأعمال دون أن يطالعونها ومثلهم من يمدحون روايات دون أن يقرؤوا منها ولو سطرا واحدا، وهؤلاء هم الخطر الحقيقي لا على الرواية فحسب، بل على كل الأصناف الأدبية.
* ما رأيك في ظاهرة الروايات التي تكتب باللهجة العامية؟
ـ هي ظاهرة موجودة في تونس وخارجها، وهي تجربة قد تستحق الاحترام إذا توفّرت على الإبداع والإضافة، فمثلما قبلنا الشعر باللهجة العامية من خلال ما نسمعه من أغان، فمن حق الروائيين الذين يكتبوا بذات اللهجة أن يكتبوا كما يريدون.. أقول هذا رغم أنني لا أفكر في خوض هذه التجربة، فما يمكن أن أكتبه باللهجة العامية أنا قادر على كتابته باللغة العربية الفصحى، زد على ذلك أن هذا الصنف من الروايات لا يستطيع تجاوز حدود الوطن، بينما الروايات التي تكتب بالعربية الفصحى قادرة على الخروج من أرض الوطن لتُقْرأ كما هي أو لتتم ترجمتها.
* عرفنا الكاف موطنا للمسرح والموسيقى، وقد أصبحت منذ سنوات موطنا للشعر أيضا.. بصفتك مندوبا جهويا للشؤون الثقافية، هل ننتظر من الجهة أن تصبح موطنا لفنون اخرى؟
ـ الكاف موطن لكل الفنون، فالكاف تاريخ متجذر وجسر تواصل ممتد ومتفرع على عدة ميادين ثقافية من السينما إلى الفنون التشكيلية إلى الرقص، فالعلاقة تاريخية منبثقة من امتداد أنثروبولوجي وسيرورة نمطية شكلت المشهد الثقافي منذ عقود ومن واجبي كمندوب جهوي للشؤون الثقافية أن أعمل على المحافظة على إشعاعها وعلى تشجيع كل المبادرات الجادة والتنسيق بين المندوبية والهياكل الراجعة إليها بالنظر لمزيد تحقيق الإضافة.
* كيف نختم هذا الحوار؟
ـ شكرا على هذه الاستضافة، وأرجو لروايتي "حمير المدائن" أن تنال على الأقل حظا كما نالته روايتي "شقائق الشيطان"، وأدعو لزيارة الكاف لمتابعة مختلف أنشطتها الثقافية.
