طالب وجد نفسه منتفعا بعقد SIVP لمدة سنتين مع انه لم يجر أي تربص
موظفة حولت 47 الف دينار إلى حسابها البنكي وحساب زوجها واقاربها
تونس- حياة الغانمي
يبدو أن عمليات التحيل على مبالغ مالية من طرف موظفين لم تعد حكرا على البنوك ومراكز البريد ،بل أصبحت ظاهرة يمكن أن تحدث في أية مؤسسة أو مرفأ خاص أو عمومي.وهذه المرة المتضرر في عملية التحيل على مبالغ مالية ليست المؤسسة ولا هو الحريف وإنما هم حاملو شهادات عليا.إذ كان من المفروض ان يتمتع عدد كبير منهم بإجراءات وامتيازات خصصت لهم لتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية على غرار عقود التربص للإعداد للحياة المهنية ا وال SIVP.هذه العقود تلاعب بها بعض موظفي مكاتب التشغيل بكل من صفاقس وتونس العاصمة واستولوا بواسطتها على مبالغ مالية.
طالب كشف خيوط اللعبة
وقد انكشفت خيوط عملية التحيل من خلال احد الطلبة الذي كان مسجلا بمكتب التشغيل بصفاقس ولم يسبق له أن انتفع بأي تربص ليجد نفسه منتفعا بالمنحة والتي تم تجديدها في مناسبتين وعلى مدى سنتين وأنه بعد التحري في الحساب البنكي الذي صرفت فيه المنح تبين أنها تعود إلى موّظف بالوكالة ليتم لاحقا اكتشاف التلاعب في مئات الحسابات ويتم التعرف على بقية الشبكة التي استحوذت على منح طالبي الشغل.
وتفيد المعطيات التي توفرت أن بعض الموظفين في مكاتب التشغيل السالف ذكرها بصفتهم قد تلاعبوا بعقود «SIVP» واستولوا بالتحيّل على عديد المبالغ المالية. وقد أكدت مصادر تابعة للوكالة التونسية للتشغيل ان عددا كبيرا من المنح صرفت في حسابات بعض الموظفين عوضا عن توجيهها لمستحقيها من طالبي الشغل..وقد عمل هؤلاء الموظفين على انتقاء عدد من العاطلين عن العمل المسجلين في مكاتب التشغيل والذين لم يجدوا عملا إلى حد الآن ويتم الاستيلاء على بياناتهم الخاصة والتلاعب بملفاتهم على أساس أنهم يقومون بتربصات مهنية وعوض صرف منحة التربص في حساب كل واحد منهم يتم صرفها للمتلاعبين وهو ما مكنهم من الحصول على مبالغ هامة.
مصادرنا الخاصة التابعة لوزارة التكوين المهني والتشغيل لم تنف المسالة واكدت أنّ تحقيقا داخليا فتح في الغرض لمعرفة حجم الفساد الذي طال الوكالة التونسية للتشغيل والعمل المستقل خاصة وانّ هناك عديد ملفات الفساد الأخرى التي تتعلق بصفقات يتم التدقيق فيها حاليا.وتجدر الإشارة إلى أن العقوبة الجزائية المتعلقة بجرائم تدليس وثيقة رسمية و استعمال مدلس يترتب عنه سنوات سجن تصل إلى ال5 سنوات سجنا.
مبالغ مالية ضخمة تحولت إلى حسابات موظفة واقرباءها
وعلى اثر فتح هذا التحقيق ،تم القيام بعمليات تفقد صلب مكتب تشغيل الاطارات بتونس بخصوص عقود التربص والمنح المسندة إلى المتربصين فتبين وجود العديد من الحسابات البنكية المشكوك فيها والتي يتم ايداع منح التربص فيها وبالتدقيق في قاعدة البيانات الخاصة بالمتربصين بالمنظومة الاعلامية تبين أن حسابا تابعا لموظفة بالوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل قد حول إليه مبلغ 3300 دينار دون وجه حق في الفترة الممتدة ما بين 2012 و2014 كما تبين انها حولت مبالغ مالية أخرى إلى العديد من الحسابات البنكية لأقاربها وزوجها وأصهارها في حدود 47 الف دينار فأحيل محضر على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بناء على شكاية تقدم بها الممثل القانوني للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل بالعاصمة الى اعوان الادارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية وتم الإذن بفتح بحث تحقيقي ...
وبسماع الممثل القانوني للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل بموجب تفويض من المدير العام للوكالة في مارس 2017 افاد ان الوكالة وهي مؤسسة عمومية حلت محل ديوان العملة التونسيين بالخارج والتشغيل والتكوين المهني منذ 1993 مهمتها الرئيسية تتمثل في تنشيط سوق الشغل وتمتيع المتربصين من المتحصلين على الشهائد العليا وغيرها بمنح وذلك قصد تشجيع المشغلين على انتدابهم بما اصطلح على تسميته منحة « SIVP » المقدرة ب 150 دينارا والتي يتمتع بها المتربص عند ابرامه عقدا في التأهيل للحياة المهنية وإيداعه ملفا لدى مكتب التشغيل صحبة رقم حساب جار يتم تحويل المنحة اليه ...
وبخصوص موضوع قضية التلاعب بالعقود افاد الشاكي انه خلال اجراء عملية تفقد وجرد صلب الوكالة بخصوص عقود تربص والمنح المسندة إلى المتربصين تبين وجود نفس الحساب الجاري للعديد من المتربصين الذين يتمتعون بالمنحة .وبمزيد التدقيق في الحسابات الجارية تبين أن احدها تابع لموظفة الوكالة لدى مكتب تشغيل الإطارات بتونس بخطة مستشارة للتشغيل وهي المتهمة ، وتتمثل مهمتها في متابعة وتحيين البيانات الخاصة بعقود التربص التابعة للمنتفعين بها من حاملي الشهادات العليا وتحيين جميع البيانات الخاصة بالمنظومة الاعلامية، وقد استفادت من عديد المبالغ المالية التابعة للمتربصين وذلك بعد تضمين هويتها البنكية عوض الهوية البنكية للمتربص وانتفعت بمعين 17 منحة تربص لمتربصين مختلفين وصلت قيمتها الجملية 47 ألف دينار خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2014...
حيث عمدت الموظفة بحكم عملها كمستشارة للتشغيل وكونها الوحيدة التي تتولى الدخول الى قاعدة البيانات الخاصة بالمنظومة الاعلامية تضمين رقم حسابها الجاري وأرقام حسابات تابعة لأصهارها وأشقائها وزوجها وأرقام حسابات اخرى عوض ارقام حسابات المنتفعين الفعليين ببرامج التشغيل والذين تم فسخ عقودهم او ادماجهم بصفة مبكرة دون التنصيص على ذلك في قاعدة البيانات الخاصة بالمتربصين...
وقد احيلت امام المحكمة الابتدائية بتونس بحالة سراح رفقة شقيقها وزوجها وزوجة شقيقها وابن شقيقتها وخطيبته من اجل جرائم الاستيلاء من موظف عمومي على اموال عمومية وضعت تحت يده بموجب وظيفته والتدليس ومسك واستعمال مدلس والمشاركة في ذلك ...
وهذا التلاعب يكشف بشكل جلي مدى التهاون وعدم الجدية الكافية في التعامل مع ملفات أصحاب الشهادات العليا صلب وكالة التشغيل.تهاون ساهم في حرمان العديد من الشباب من حقهم في عقود التربص والاندماج هذه. ولعله من الغريب أن لا تحاكم الأطراف المتلاعبة إلى حد اليوم وان لا يتم ردع المخالفين الذين تسببوا في جرم كبير ..