انعقدت عصر أمس الجمعة 17 ماي 2024 بقصر قرطاج جلسة عمل رئاسية بهدف تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، والذي طال أمده وأصبح يشكل عائقا أمام تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
رئيس الجمهورية، قيس سعيد، وفي كلمته الافتتاحية، أكد على أن هذا التنقيح المنتظر منذ سنوات لم يعد خيارا بل ضرورة ملحة، إذ لا يمكن أن تبقى التشريعات التونسية منحازة للمصارف والدائنين على حساب المدينين، مما تسبب في حالات كثيرة في ظلم واعتداء صارخ على حقوق المواطنين، وأصبح لزاما وضع حد لها.
يتجلى هدف التنقيح الأساسي في إعادة التوازن إلى النظام القانوني للشيكات، ذلك المتنفس المالي الذي تحول في بعض الأحيان إلى سلاح يهدد استقرار المواطنين والاقتصاد معا، فالفصل 411 من المجلة التجارية، بشكله الحالي، لم يعد مواكبا لمتطلبات العدالة والتنمية الاقتصادية، بل أصبح أداة بيد المتربصين يستغلونه لأغراض غير التي شرع من أجلها، ما استوجب إعادة النظر فيه وبسرعة.
لذا، فقد أذن رئيس الدولة بعرض مشروع التنقيح على مجلس الوزراء خلال الأسبوع القادم، ليتولى هو شخصيا عرضها على أنظار مجلس نواب الشعب، ملتمسا استعجال النظر في أمر بات يشكل هاجسا لدى التونسيين.
في ذات السياق، دعا رئيس الجمهورية إلى ضرورة الإسراع في سن قانون جديد ينقح الفصل 410 من المجلة التجارية، ليكون سندا قانونيا يحد من حالات الإفلات من العقاب ويحمي حقوق المواطنين، إلى جانب تدعيمه بالحلول الإلكترونية البديلة التي من شأنها أن تقلص من استعمال الشيكات وتفادي إساءة استغلالها، بالإضافة إلى تحسين الممارسات المصرفية وتدعيم معايير التعامل بها.
إنها ثورة تشريعية في عالم الاقتصاد والمال تنتظرها تونس بفارغ الصبر، لتضع حدا للإفلاسات والاعتداءات التي طالت العديد من الأسر والشركات على مر السنين، ولتكون سندا للدولة في سعيها نحو تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
فالشيكات، وإن كانت وسيلة دفع قانونية، إلا أنها أصبحت في بعض الأحيان وسيلة للإضرار بالآخرين وتهديد استقرارهم المالي، لذا وجب تحصينها تشريعيا حتى لا تكون سلاحا ذا حدين يهدد أمننا الاقتصادي والاجتماعي، وما إسراع رئيس الجمهورية في النظر في هذا الأمر إلا دليل على وعيه العميق بأهمية المرحلة وحرصه على تحقيق العدل لتونس والتونسيين.
ايمان مزريقي