اختر لغتك

ندوة التبرع بالأعضاء في تونس بين جدلية الحياة والموت، القانون والأخلاق

ندوة التبرع بالأعضاء في تونس بين جدلية الحياة والموت، القانون والأخلاق

عقدت اليوم في تونس العاصمة ندوة وطنية حول موضوع التبرع بالأعضاء، بمشاركة نخبة من الأطباء، والمشرعين، ورجال الدين، والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وقد جاءت الندوة في سياق الحاجة الملحة لتعزيز الوعي حول أهمية التبرع بالأعضاء ودوره في إنقاذ الأرواح، وسط تصاعد النقاش حول الأبعاد الأخلاقية، القانونية، والاجتماعية لهذه القضية الحساسة.

تناول المتحدثون الجانب التشريعي المتعلق بالتبرع بالأعضاء في تونس، حيث أبرزوا القوانين المعمول بها التي تنظم هذه العملية، بدءا من قانون 1991 الذي يعد أول إطار قانوني في هذا المجال، وقد ركزت النقاشات على ضرورة تحديث التشريعات لتواكب التطورات الطبية والتحديات الأخلاقية، مع التأكيد على تعزيز العقوبات ضد الاتجار بالأعضاء، وهو ما يعد جريمة إنسانية وأخلاقية من الدرجة الأولى.   

هذا وتم التشديد على أهمية الشفافية في تسجيل المتبرعين وضمان الرقابة الصارمة على المؤسسات الصحية المعنية، لمنع استغلال الفقراء أو القصر، كما جرى النقاش حول الشروط الصارمة للتبرع، والتي تشمل موافقة المتبرع أو أقاربه من الدرجة الأولى، وإجراء الفحوص الطبية اللازمة لضمان عدم تعريض حياة المتبرع للخطر.

كان للدين نصيب كبير في النقاش، حيث استعرضت آراء رجال الدين حول مشروعية التبرع بالأعضاء، أكدت المداخلات أن الإسلام يدعم التبرع بالأعضاء، باعتباره عملا إنسانيا نبيلا يساهم في إنقاذ الأرواح، شريطة أن يتم برضا المتبرع الكامل ودون مقابل مادي؛ ومع ذلك، تظل بعض الأصوات المتحفظة تعتقد أن هذه العملية قد تكون مخالفة للمعتقدات الدينية إذا لم يتم احترام شروط معينة، مثل تجنب إيذاء الجسد.

وعلى المستوى الاجتماعي، أُثيرت تساؤلات حول مدى تقبل المجتمع التونسي لفكرة التبرع بالأعضاء، فقد أشار البعض إلى أن الثقافة المجتمعية لا تزال تتسم بالتردد، بسبب نقص الوعي والخوف من التلاعب، وناقشت الندوة أهمية إطلاق حملات توعية وطنية تبرز قصص النجاح لأشخاص تلقوا أعضاء متبرعا بها، بهدف تغيير الصورة النمطية.

ومن جهة أخرى، بحثت قضية عدم المساواة في الوصول إلى فرص زراعة الأعضاء، حيث أشار البعض إلى أن الفقراء قد يكونون أقل حظا في الحصول على العلاج، مما يثير تساؤلات حول العدالة الصحية.

كذا تم استعراض التقدم الهام في مجال زراعة الأعضاء، مؤكدين أن تونس قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، مثل نقص عدد المتبرعين وارتفاع تكلفة العمليات، وأوضحوا أن التبرع بالأعضاء يمكن أن يكون شريان حياة لمئات المرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء، مثل الكلى أو الكبد.

إلى جانب ذلك، أثيرت مخاوف صحية تتعلق بسلامة المتبرع والحد من احتمالات المضاعفات التي قد يواجهها بعد التبرع، وتم التاكيد على أن إجراء العمليات وفقا للمعايير الطبية العالمية يحد من هذه المخاطر.

فلا شك أن التبرع بالأعضاء يحمل في طياته إيجابيات كثيرة، أبرزها إنقاذ الأرواح، وتقليل معاناة المرضى، وتعزيز التضامن الإنساني، كما يساهم في تطوير البحث العلمي والطبي، في المقابل لا يخلو الأمر من السلبيات، مثل احتمال استغلال الفقراء والضعفاء في عمليات اتجار غير شرعية التى قد تحدث خارج البلاد، إلى جانب المخاوف الصحية المحتملة للمتبرعين، كما أن نقص الوعي المجتمعي قد يساهم في زيادة المخاطر.

غير أن هذه الندوة اكدت مما لا شك فيه على ضرورة تشديد العقوبات على المتورطين في الاتجار بالأعضاء حتى وان قاموا بالعمليات خارج الحدود التونسية أو التلاعب بإجراءات التبرع، ودعا المشاركون إلى فرض غرامات مالية كبيرة وعقوبات بالسجن تصل إلى المؤبد في حالات الاتجار بالأعضاء البشرية، في مطالبة بتعزيز التعاون الدولي لمكافحة شبكات الاتجار بالأعضاء التي تتجاوز الحدود الوطنية.

لتختتم الندوة بالتأكيد على أهمية التبرع بالأعضاء كوسيلة لإنقاذ الأرواح وتحقيق العدالة الصحية، ودعا المشاركون إلى تبني نهج متكامل يجمع بين التشريعات الصارمة، والحملات التوعوية، والدعم الطبي والاجتماعي للمتبرعين والمستفيدين، اذ ان التبرع بالأعضاء ليس مجرد قضية صحية أو قانونية، بل هو قضية إنسانية عميقة تعكس مدى تضامن المجتمع وقدرته على تجاوز التحديات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية.

آخر الأخبار

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

Please publish modules in offcanvas position.