البيئة السياسية التي تعاني منها تركيا تجعل شركات استطلاعات الرأي الأكثر خبرة حذرة في ما يتعلق بموثوقية تفضيلات الناخبين.
يطمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو الرئيس الأكثر شعبية والأكثر إثارة للانقسام في تاريخ تركيا الحديث، إلى تعزيز سلطاته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة المقررة يوم 24 يونيو الجاري. ويخوض مع منافسيه معركة انتخابية شرسة لاستقطاب الناخب التركي. ويحافظ أردوغان على سياسة القمع والترويع التي اختار أن ينتهجها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016 للتأثير على خيارات الناخبين الحقيقية. ويشير المراقبون إلى أن شركات استطلاع الرأي التركية تحت قبضة النظام لذلك تغيب الشفافية والمصداقية عن السباق الانتخابي. ويتوقع هؤلاء أن يتكرر سيناريو التصويت في الانتخابات السابقة حيث يرتفع إقبال جمهور حزب العدالة والتنمية الحاكم على الاقتراع كلما استشعر أن شعبية أردوغان تراجعت وحزبه مهدد بالخسارة. وقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي تراجع شعبية الرئيس التركي وتقلص الثقة في تحالفه المبرم مع حزب الحركة القومية، وهو ما يرجح عدم فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات وإجراء جولة ثانية.
أنقرة- فضلًا عن استخدام منهجية غير مناسبة، فإن سوء التقديرات في الانتخابات السابقة كان نتيجة تعديل النتائج وفقًا لتوقعات الأحزاب السياسية، وقد أدى هذا بدوره إلى تآكل مصداقية منظمي استطلاعات الرأي..”، كانت هذه كلمات البروفيسور أوزير شنكار، وهو أحد منظمي استطلاعات الرأي المتمرسين في تركيا ومالك مركز ميتروبول للأبحاث الاجتماعية والاستراتيجية.
وتصريحات شنكار صحيحة؛ فلفترة طويلة من الزمان، منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي تقريبًا، كانت استطلاعات الرأي في تركيا خارجة عن السيطرة، كما هو الوضع في مسائل عديدة، فقد أصبحت تشبه أسلوب الفرقة العسكرية التركية، كما أصبحت أداة لإرضاء طموحات الجماعات ذات المصلحة التي ترغب في التحايل على المجتمع والسيطرة عليه.
وفي هذه الأيام، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 24 يونيو الجاري، نشهد ذروة مثل هذه الجهود؛ فهناك “تضخم واضح في استطلاعات الرأي”، حيث لا توجد شفافية، فجميع النتائج “التي تم التخطيط لها” أصبحت بطريقة ما حقيقة في عالم “تكون فيه الحقائق الموضوعية أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام من مخاطبة العاطفة والاعتقاد الشخصي”.
وعند السعي إلى الحصول على إجابة عن سؤال “من سيفوز؟” يمكننا -رغم ذلك- كشف بعض الحقائق المخفية داخل هذه الغابة المظلمة. وأرغب في أن أشارك القراء الاستنتاجات التي توصلت إليها بعد الحديث مع البعض من منظمي استطلاعات الرأي الموثوق بهم والمستقلين نسبيًا، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب السياسية، وبعض المراقبين.