الصفحة 3 من 3
إختلافات عميقة
هذه الممارسات تقوم بها دول تدعي عادة أنها تحترم التحرك الجماعي للاتحاد، مثل ألمانيا. فالمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي وأغلب دول الاتحاد تعارض مشروع خط أنابيب الغاز بين روسيا وألمانيا المعروف باسم “نورد ستريم2” أو “تيار الشمال2” الذي يمر عبر بحر البلطيق.
فالمفوضية والبرلمان وهذه الدول ترى أن الخط يزيد اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، ويلحق الضرر بدول شرق أوروبا التي يمر عبرها الغاز الروسي حاليا. ولكن ألمانيا، وبسبب ميل الحزب الاشتراكي الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم بألمانيا، تضغط من أجل المضي قدما في الخط رغم الاعتراضات.
هذا الاختلاف الجذري في النظر إلى العالم وتهديداته، هو نصف المشكلة. أما النصف الآخر، فهو إنكار سياسة القوى كتلك التي تحولت إلى نظام لعمل الاتحاد الأوروبي باعتباره مشروع سلام “لما بعد مرحلة الدولة الوطنية”.
إن التوجهات السياسية الآن تتحول من المثالية إلى الواقعية ومن التحرك متعدد الأطراف إلى التحرك الأحادي ومن القوة الناعمة إلى القوة الخشنة. والقوى الجيوسياسية المنافسة للاتحاد الأوروبي تتعامل مع القوة من منظور كمي، يمتد من التجارة إلى العملة والتكنولوجيا والاستثمار والهجرة والطاقة وصولا إلى حاملات الطائرات والصواريخ، ثم الطائرات المسيرة، كتلك التي استخدمت أفي قتل سليماني.
باتت القوى الكبرى تتجاهل الاتحاد الأوروبي في ملفات إيران والعراق والخليج ككل. ففي ظل تصاعد التوتر في المنطقة يدعو الاتحاد الأوروبي كافة الأطراف إلى “ضبط النفس” كما يفعل دائما. لكن قرارات الحرب والسلام تتخذها أطراف أخرى بعيدا عن الاتحاد.
وفي ليبيا منذ نوفمبر الماضي تقوم تركيا بتسليح حكومة فايز السراج. في المقابل وقع السراج اتفاقية لترسيم الحدود مع تركيا، يمكن لها أن تعرقل مشروع خط لأنابيب الغاز بين إسرائيل وقبرص واليونان.
والآن يرسل أردوغان قواته إلى ليبيا، ويشير إلى رغبته في التوصل إلى اتفاق مع روسيا، كما حدث بينهما بشأن سوريا. مثل هذا السيناريو يمنح تركيا السيطرة على اثنين من أهم معابر الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي.