اتصال الرئيس التركي بنظيره الأميركي يأتي قبل أيام من عقد مؤتمر برلين، وبعد انهيار المباحثات الليبية في روسيا.
أنقرة/واشنطن - في وقت ضيّق فيه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الخناق على مناطق سيطرة الميليشيات التي تقاتل تحت لواء حكومة الوفاق في طرابلس بدعم تركي، يبدو أن جهود المجتمع الدولي تتجه إلى الاتحاد في برلين التي تستعد لاستضافة مؤتمر دولي للسلام في ليبيا.
ولجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب حيث بحث معه في اتصال هاتفي، حسب ما أعلن البيت الأبيض والرئاسة التركية، مستجدات الأوضاع في ليبيا وذلك قبل أيام من قمة في برلين ستتناول الصراع الليبي.
وفي وقت سابق، حذر الرئيس الأميركي في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي من أن أي "تدخل أجنبي سيعقد الوضع في ليبيا"، مؤكدا أن التدخل الأجنبي يعقد الوضع في ليبيا".
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية سابقا في بيان على ضرورة "أن تتوقف الجهات الفاعلة الخارجية عن تأجيج الصراع" في ليبيا.
وقالت: "يجب على جميع البلدان الامتناع عن مفاقمة الصراع الأهلي ودعم العودة إلى العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة".
وتسعى بعض الدول الغربية إلى تهيئة الأجواء للعودة إلى طاولة ألمانيا المفتوحة، وتستضيف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زعماء تركيا وروسيا وبريطانيا وإيطاليا يوم الأحد المقبل في القمة، التي تأتي عقب اجتماع في موسكو يوم الاثنين فشلت فيه الأطراف المتحاربة في ليبيا في توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
من جهته، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء الأسرة الدولية تقديم "دعم قوي" لمؤتمر برلين، مطالباً كذلك طرفي النزاع بالالتزام بوقف الأعمال العدائية بينهما.
وقال غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي "أحضّ جميع الأطراف المتحاربة على الإسراع في تعزيز الوقف غير المشروط للأعمال العدائية الذي تم التوصّل إليه برعاية رئيسي روسيا وتركيا والانخراط بصورة بنّاءة في تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك في إطار عملية برلين".
وإذ رحّب الأمين العام بانعقاد مؤتمر برلين الذي سيشارك فيه، شدّد على أنّ هذا المؤتمر الدولي يرمي إلى "توحيد المجتمع الدولي من أجل إنهاء النزاع والعودة إلى عملية سياسية من خلال توفير الشروط اللازمة لحوار ليبي ليبي".
وأضاف غوتيريش "أحضّ جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على أن تدعم بقوة قمّة برلين".
وإذ ندّد الأمين العام بـ"التدخّلات الخارجية" في النزاع الليبي، جدّد التحذير من أنّ "أيّ دعم خارجي للأطراف المتحاربة لن يؤدّي إلا إلى تعزيز الصراع المستمر وتعقيد الجهود الرامية لإتاحة التزام دولي واضح بحلّ سلمي للأزمة في البلاد".
ولفت غوتيريش في تقريره إلى أنّ مشروع البيان الذي سيصدر عن مؤتمر برلين يتمحور حول "ستة محاور" هي "وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، تطبيق حظر الأسلحة، إصلاح قطاع الأمن، العودة إلى عملية سياسية، إصلاح اقتصادي، احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
ويهدف مؤتمر برلين إلى الحدّ من التدخّلات الخارجية التي تؤجّج النزاع، وتوفير ظروف مؤاتية لاستئناف الحوار الليبي الداخلي مع الإعلان مسبقاً عن وقف دائم لإطلاق النار.
من جهته، طالب رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح الأربعاء بدور عربي لمواجهة التدخلات التركية في ليبيا.
وقال صالح، في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للبرلمان العربي: "المجتمع الدولي نصب مجلسا رئاسيا في طرابلس منح تركيا حق التدخل في ليبيا"، مؤكدا أن اتفاق الصخيرات لم يعد له وجود على الأرض.
وأوضح أن حكومة الوفاق لم تؤد اليمين الدستورية أمام البرلمان كما ينص الاتفاق السياسي، مضيفا أن "استمرار المجتمع الدولي في الاعتراف بالمجلس السياسي لا يصب في صالح الشعب الليبي".
وتدخل أردوغان في الملف الليبي بشكل علني ومباشر بعد أن كان يدعم الميليشيات وحكومة الوفاق عسكريا في السر، حيث أعلن أواخر نوفمبر الماضي توقيع مذكرة تفاهم أمنية وعسكرية بين تركيا وحكومة الوفاق برئاسة السراج، بشأن الحدود البحرية أثارت غضب دول المنطقة.
وكشفت مصادر ميدانية أن حالة من الغضب تسود طرابلس بعد الاتفاق الأخير بين حكومة الوفاق وتركيا والذي يسمح لأنقرة ببناء قواعد عسكرية وجلب الجنود، وهو ما أثار غضبا إقليميا ودوليا زاد من عزلة طرابلس في محيطها العربي، في وقت باتت فيه حكومة الوفاق تبحث عن تنفيذ أجندات خارجية لا مصلحة لليبيين بها.
واتخذت أنقرة من الاتفاق مع السراج ذريعة لفتح الباب أمامها بالتدخل في الأزمة الليبية بهدف تثبيت تواجدها العسكري في منطقة شمال إفريقيا والمتوسط حيث يدور سباق للتنقيب عن موارد الطاقة واستغلالها وسط تسجيل اكتشافات ضخمة في السنوات الأخيرة.
وأجاز النواب الأتراك لأردوغان إرسال جنود إلى ليبيا بعد أن طلب السراج من تركيا تدخلا عسكريا في البلاد بهدف إنقاذ ما تبقى من نفوذ حكومته والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها في طرابلس، بعد أن تقدمت قوات الجيش الوطني الليبي بشكل لافت في الأسابيع الأخيرة في العملية العسكرية التي تقودها لتحرير العاصمة من الإرهابيين والميليشيات.