الصفحة 2 من 3
صفقة قديمة جديدة
قوبلت هذه الخطوة الجديدة برفض فلسطيني واسع يقرّ بأن صفقة القرن تأتي لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ولتستكمل ما عجزت عن تحقيقه اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993 من تأبيد للاحتلال الإسرائيلي.
ووفق السلطة الفلسطينية التي هدّدت بدورها كرد على خطوة ترامب بأنها ستنسحب من اتفاقية أوسلو، فإن صفقة القرن ستخرج القدس واللاجئين والحدود من طاولة المفاوضات.
يجمع الفلسطينيون على أن خطة السلام الأميركية تنحاز بشكل تام لإسرائيل دون أن تعطي للفلسطينيين حقوقهم المعترف بها دوليا وأمميا.
وفيما يصف نتنياهو الصفقة بالتاريخية، فإن السلطة الفلسطينية تعتبر هذه الخطة الجديدة امتدادا لاتفاقية أوسلو وأن خطة ترامب هي نتاج لسياسات أميركية قديمة جديدة، وقع التخطيط لها منذ أكثر من عقدين.وقال الكاتب والمحلل السياسي، عبدالمجيد سويلم إن بنود صفقة القرن “لا تعني شيئا للفلسطينيين، لأنهم لا يزالون تحت الاحتلال، وكل ما يجري تطبيقه هو احتلال بنص الأعراف الدولية”.
وبيّن، أن القيادة الفلسطينية السياسية رافضة لهذه الصفقة ولن تقبل بها بأي حال من الأحوال، لافتا إلى أنها ترغب في “سلام قائم وفق الشرعية والقانون الدوليين”.وعدّ سويلم صفقة ترامب “تكريسا للمصالح وللتوسعية والعدوانية الإسرائيلية”.
ويعتقد أن القيادة الفلسطينية لعبت، ولا تزال، دورا رئيسيا في فضح هذه الخطة وتوضيح خطورتها على السلم العالمي، من خلال العمل في إطار الأمم المتحدة والقانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية والسياسية.
ويرى سويلم أن على الفلسطينيين مراجعة “كافة الخطط والسياسات للتقدم إلى مسار جديد يؤسس استراتيجية فلسطينية لمواجهة الظرف القائم”.
ويؤكد مراقبون أن إسرائيل حقّقت عبر اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993 أكثر من إنجاز مهد الطريق لخلق واقع سياسي مكّنها من احتواء انتفاضة الفلسطينيين وسطر واقعا أمنيا سيطرت عليه النزعة الاستيطانية الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة تدفع عبر الخطة الجديدة إلى تأبيد الاحتلال وتحويله من صيغة المؤقت إلى الاحتلال الدائم.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني تيسير محيسن في هذا الصدد، إن صفقة القرن التي أعدها ترامب بدأت تسير وفق “وقائع عملية تراتبية هندسية تصوغها الإدارة الأميركية مع إسرائيل تباعا، منذ أكثر من 26 عاما (في إشارة إلى سنة 1993 تاريخ توقيع اتفاقية أوسلو)”.وبيّن أن كل ما يرشح عن الصفقة “يجري تطبيقه تباعا على مرأى ومسمع كل العالم والقيادة السياسية”.
وأضاف “الإدارة الأميركية وإسرائيل استطاعتا خلال العقود الماضية أن تفرضا واقعا يتعارض كليا مع البنية السياسية التي تم إنتاجها في إطار إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي تحت ما يسمى عملية السلام (حل الدولتين)”.
وبيّن أن إسرائيل نجحت في كسر “كافة المكونات الديموغرافية والجغرافية للدولة الفلسطينية، ما يعني أن 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية أصحبت تحت طائلة الضم وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، كما أن هناك تهديدا بضم الأغوار تحت تأييد ترامب؛ وهذا هو جزء من الصفقة”.
وتقترح “صفقة القرن”، وفق ما جاء بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأحد الماضي، إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70 بالمئة من الضفة الغربية، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة “شعفاط” شمال شرقي القدس، على أن يربطها بقطاع غزة “نفق” يكون بمثابة “الممر الآمن”.
كما تسمح هذه الصفقة لإسرائيل بضم ما بين 30 و40 بالمئة، من أراضي المنطقة “ج”، والتي تشكّل 61 بالمئة من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية؛ ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.