اختر لغتك

إرهاب أسود يدمي القارة السمراء

إرهاب أسود يدمي القارة السمراء

إرهاب أسود يدمي القارة السمراء

تشهد القارة الأفريقية، التي يلاحقها عديد من التحديات بدءاً من تداعيات جائحة كورونا وحتى تبعات الحرب في أوكرانيا، مروراً بأزمة المناخ وانعكاساتها المختلفة، ارتفاعاً مطرداً في حجم العمليات الإرهابية، والخسائر الناجمة عن تلك العمليات، البشرية والمادية على حدٍ سواء.

وبتتبع العمليات الإرهابية التي شهدتها القارة، وإجمالي الضحايا في الأقاليم الخمسة، فإن مُنحنى هذه العمليات آخذ في الارتفاع بشكل تدريجي، في ضوء تنامي العوامل المؤدية إلى مزيدٍ من عدم الاستقرار في القارة، وجملة التحديات المتزامنة التي تشهدها، ولا تستثنى من تلك العوامل التأثيرات المرتبطة بالتفاعلات الدولية وأيضاً أزمة التغير المناخي وانعكاساتها على تفاقم الصراعات عموماً.


معدلات صادمة

الأرقام المُتاحة تشير إلى ارتفاعات ملحوظة في إجمالي عدد العمليات وضحاياها من القتلى والمصابين والنازحين وحتى المختطفين، فخلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، شهدت القارة السمراء سقوط 7197 قتيلاً جراء تصاعد المواجهات المسلحة والعمليات الإرهابية.

حيث تشهد القارة توترات متفاقمة تعمق حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بها، وتزيد معاناة سكانها في ظل عدة أزمات مُتداخلة - داخلية وخارجية - تضع أفريقيا على المحك.

وتزيد معدلات الضحايا في التسعة أشهر الأولى من عام 2022 قليلاً عن معدلات الضحايا الذين سقطوا في عام 2021 بأكمله.

سقط العدد الأكبر من الضحايا (في التسعة أشهر الأولى) خلال شهري يونيو وسبتمبر، بواقع 2238 ضحية (1103 في يونيو، و1135 في سبتمبر)، في الوقت الذي تصدر فيه إقليما شرق وغرب القارة قائمة أكثر الأقاليم تعرضاً للهجمات الإرهابية، من حيث عدد الهجمات والضحايا (القتلى والمصابين والنازحين).

وكان أغسطس أقل الشهور (خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري) من حيث عدد الضحايا بسبب الهجمات الإرهابية والنزاعات المسلحة، بواقع 450 قتيلاً.

وشهدت القارة في عام 2021 سقوط 10200 قتيل ضحايا للإرهاب وأعمال العنف، ذلك إلى جانب عشرات المئات من المختطفين والنازحين والمصابين، بزيادة ملحوظة عن العام 2020 الذي شهدت فيه القارة 525 حادثاً دموياً أسفر عن سقوط 7030 قتيلاً.


عوامل الانتشار

يقول نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، صلاح حليمة: إن ثمة عديداً من الأسباب المؤدية لذلك الارتفاع المطرد في حجم العمليات الإرهابية بالقارة الأفريقية، لا سيما في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، وبشكل خاص في مالي وبوركينا فاسو والصومال وغينيا وغيرها من الدول، على رأسها حالة عدم الاستقرار السياسي بالنسبة لبعض الأنظمة، وكذلك الانقلابات العسكرية المتكررة.

ويلفت في تصريحات لـ«البيان»، إلى أنه من بين الأسباب كذلك تداعيات الانسحاب الفرنسي من مالي، ما أتاح فرصة أكبر للحركات الإرهابية لزيادة نشاطها، فضلاً عن اللغط حول مجموعة فاغنر الروسية ودورها، بشكل خاص في ليبيا. ويضاف إلى ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها عدد من دول القارة، والبيئة الموائمة لنمو الإرهاب من حيث انتشار الفقر وغيرها من العوامل.

ومع تعدد التنظيمات النشطة في أفريقيا، بدءاً من داعش والقاعدة وحتى حركة الشباب وغيرهم من التنظيمات، يشير حليمة إلى دور «الوضع القبلي» الذي تعاني منه بعض الدول الأفريقية، والذي يشكل إزكاءً للصراعات.

ويلخص نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أبرز عوامل مواجهة النشاط الإرهابي في القارة في عددٍ من الأمور؛ في مقدمتها ضرورة التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب، أمنياً وفكرياً، واقتصادياً من خلال تجفيف منابع التمويل، جنباً إلى جنب والدفع بعمليات التنمية.

حيث أن التنمية هي من الأسلحة القوية التي تواجه الإرهاب، في وقت تستغل فيه التنظيمات المتطرفة الأوضاع المتردية ببعض الدول الأفريقية وحالة عدم الاستقرار للانتشار وتشجيع عناصر جديدة للانضمام إليها.

وتواجه دول القارة تحديات هائلة في سياق جهود التنمية؛ أهمها الوضع الاقتصادي، والديون التي تثقل كاهل عديد من الدول الأفريقية، بما يتطلب تدخلاً حاسماً من الدول القريبة، لا سيما الدول العربية الغنية، لدعم الدول الأفريقية في مواجهة ديونها، لا سيما مع تفاقم تبعات كورونا والحرب في أوكرانيا وأزمة المناخ على القارة.

وفي وقت يُنظر فيه إلى الدعم المقدم من الدول الغربية باعتباره «غير متوازن ولا يحقق العدالة» لا سيما وأنه مبني على أساس مصالح خاصة لتلك الدول في أفريقيا، على حد قوله.


استراتيجية للمكافحة

من بين أبرز التوصيات التي خلصت إليها أحدث تقارير مرصد الإرهاب في أفريقيا، الصادر بالقاهرة، لمعالجة ظاهرة الإرهاب في القارة، ضرورة العمل على تدشين استراتيجية أفريقية لمكافحة الإرهاب بأدوات وعباءة اقتصادية وتنموية، مع العمل جنباً إلى جنب وتوجيه الاهتمام للأسباب والمحركات الحقيقية للإرهاب.

وذلك من خلال الاستثمار في الرأسمال البشري في الدول الأفريقية. في إشارة لدور التنمية في أفريقيا في مكافحة الإرهاب والحد من آثاره، وفي وقت تواجه فيه القارة تحديات تنموية هائلة، بطلها الأساسي «التمويل».

وأمام تلك التحديات التي تواجهها القارة السمراء، يعتقد الباحث المتخصص في وحدة التنمية المستدامة بمؤسسة ماعت الحقوقية بالعاصمة المصرية، سيد غريب، بأن أفريقيا في أمس الحاجة إلى مقاربات جديدة للتعامل مع ظاهرة الإرهاب التي تمزق القارة وتشكل تهديداً مستمراً لها، بما يتضمن تعزيز أدوات المكافحة الاستباقية (الوقائية) من تلك الظاهرة.

وحدد مجموعة من الخطوات لتفعيل المكافحة الاستباقية للإرهاب (من خلال ضربات استباقية لمكافحة الإرهاب قبل تنفيذ العمليات).

تتضمن العمل على تعزيز وتقوية المؤسسة الأمنية والعسكرية المحلية داخل كل بلد، من خلال مزيد من التدريبات الخاصة على العمليات الوقائية والاستباقية، جنباً إلى جنب وتعزيز دور المؤسسات الإقليمية على مستوى القارة وتفعيل دورها (تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي).

 

آخر الأخبار

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

90 عامًا من الأمجاد: ترجي جرجيس يحتفي بتاريخه ويتصدر البطولة

90 عامًا من الأمجاد: ترجي جرجيس يحتفي بتاريخه ويتصدر البطولة

Please publish modules in offcanvas position.