بعد أن ضمنت أوكرانيا الحصول على دبابات غربية متطورة، بدأت تتطلع، وإن كان بشكل غير رسمي حتى الآن، إلى الطائرات المقاتلة وصواريخ متقدمة بهدف تقليص التفوق الجوي الروسي في الحرب. وباستثناء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي لم يحسم بالرفض، حاولت الدول الغربية استبعاد هذا الاحتمال في الوقت الحالي، لكن النقاش على ما يبدو سيبقى محل جدل كما حدث في ملف الدبابات التي استغرقت شهوراً.
واستبعد الرئيس الأمريكي جو بايدن إمكانية إرسال طائرات مقاتلة من طراز (إف-16) إلى أوكرانيا، وأجبا ببساطة "لا"، بينما كان رد الدول الغربية الأخرى أقل حزماً، بل إن بعضهم لم يستبعد تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، وهو ما أمر لم يستبعده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أعقاب محادثات أجراها في لاهاي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وذلك بهدف "تعزيز قدرة أوكرانيا على التصدّي" للقوات الروسية.
لكنّ ماكرون شدّد على أن هناك معايير لاتّخاذ أيّ قرار بهذا الشأن هي أن يكون هناك طلب بهذا المعنى قد صاغته أوكرانيا، وألا يكون هذا الأمر تصعيدياً بحيث لا يطال الأراضي الروسية، وأن لا يضعف قدرة الجيش الفرنسي. وفي في ضوء هذه المعايير الثلاثة، ستواصل فرنسا، على أساس كلّ حالة على حدة، النظر في شحنات الأعتدة العسكرية إلى كييف.
الرئيس الفرنسي أشار أيضاً إلى أن الأوكرانيين لم يتقدموا بأي طلب بهذا الخصوص. إلا أن هذا لا يمنع أوكرانيا من إثارة هذا الملف بشكل مستمر إلى أن يصل الأمر إلى توافق غربي على تقديم كييف طلباً رسمياً كما حدث في موضوع الدبابات. وأشار السفير الأوكراني في العاصمة الألمانية برلين أوليكسي ماكييف، إلى مدى أهمية حصول بلاده على طائرات مقاتلة، لكنه أكد في الوقت نفسه، في تصريحات لمحطة "دويتشه فيله" الألمانية، أن بلاده لم تقدم طلباً لألمانيا بعد بخصوص المقاتلات.
ولم تبدِ بريطانيا ترحيباً بالفكرة، رغم أنها من أشد المتحمسين في ملف تسليح أوكرانيا. وبررت موقفها بأن الفكرة غير عملية لأسباب متعلقة بالزمن والتقنية. وأوضح المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في تصريح للصحفيين: "الطائرات المقاتلة البريطانية معقدة للغاية وتعلم كيفية التحليق بها يتطلب شهوراً. وإذا أخذنا ذلك في الاعتبار، نعتقد أن إرسال تلك الطائرات إلى أوكرانيا ليس عملياً".
في المقابل، خرج الرئيس الرئيس الليتواني، جيتاناس ناوسيدا، بموقف أكثر اندفاعاً تجاه التسليح في مقابلة مع التلفزيون الليتواني، وطالب الغرب إبقاء جميع خياراته مفتوحة عندما يتعلق الأمر بتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، وخاطب حلفاء أوكرانيا بالقول: "يجب تجاوز هذه الخطوط الحمراء"، وذلك في إشارة إلى التحفظات بشأن الطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدى التي تطلب كييف الحصول عليها. وليتوانيا عضو في كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ودخلت بولندا على خط الجدل بخصوص الطائرات المقاتلة، وقال نائب وزير الدفاع البولندي فويتشخ سكوركيفيتش الثلاثاء إنه "ليست هناك محادثات رسمية حول إرسال مقاتلات إف-16 (لأوكرانيا) في الوقت الحالي". والاثنين أبقى رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، الباب مفتوحاً أمام هذه الخطوة، وقال: "ستكون أي قوة جوية جديدة، منظّمة، وقد نرسلها بالتشاور مع دول الناتو". وتملك بولندا 48 من هذه الطائرات الحربية الأمريكية الصنع.
ولم تعلق روسيا بشكل مباشر على الجدل حول الطائرات المقاتلة، إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أبلغ نظيره المصري سامح شكري الذي يزور موسكو، أن روسيا تواجه خطراً عسكرياً متزايداً من أوكرانيا، بسبب الأسلحة التي ترسلها دول الناتو إلى كييف، وشدد على أن القوات المسلحة الروسية سوف تبذل كل ما في وسعها لضمان فشل خطط الغرب في أوكرانيا.