في اطار دراسة الاسباب الهيكلية المتمثلة في تدهور حالة البنية التحتية والمعدات وفي تبذير المياه الى جانب ما تمثّله الظروف المناخية الدورية غير الملائمة كإحدى العوامل التي تزيد وضعية الفلاحة السقوية تعقيدا وانطلاقا من ان القيمة الاقتصادية لمياه الري تمثّل التحدي الاكبر لكل المتدخلين وخاصة للفلاحين ينتظم حوار وطني ينصهر في اطار قراءة حوارية في " الدراسة التقييمية لسياسة ضبط التعريفات ومراجعتها وايجاد السبل الكفيلة بتكييفها مع الواقع التونسي" والتي تم تمويلها من قبل في سياق التعاون الالماني وهي دراسة انطلقت من مقاربة تشاركية حول القيمة الاقتصادية لمياه الري بهدف تحقيق استدامة المناطق السقوية العمومية واعتمدت على الحوار الوطني وذلك بهدف الاستعمال المحكم والأنجع لاستغلال الموارد المائية والتوصل الى جعل الفلاحين يتحملون تكاليف الخدمات المتصلة وذلك في نطاق بلورة ووضع سياسة جديدة في هذا الاطار.
وقد انطلق هذا الحوار الوطني على عدة مراحل من ذلك المعاينات والاستشارات الميدانية والندوات والورشات على المستوين الوطني والجهوي حيث انطلق هذا الحوار الوطني في خطواته الاولى انطلاقا من ملتقى انعقد يوم 22 فيفري الماضي بضاحية قمرت بهدف التوصل الى اتفاق توافقي حول السياسة الجديدة لتعريفات خدمات مياه الري.
وتبعا لتنظيم هذا الملتقى الوطني وفي إطار المقاربة والبرنامج المقترحين من قبل مكتب الإستشارة والمصادق عليهما من طرف الإدارة العامة للهندسة الريفية واستغلال المياه تقررت إقامة ملتقيات جهوية في الولايات الـ12 المستهدفة بالدراسة حيث تحتضن مدينة بوسالم من ولاية جندوبة يوم 13 مارس الملتقى الجهوي الخاص بهذه الجهة حيث سيتطرق المشاركون في أشغاله الى موائد مستديرة وورشات عمل ولقاءات حوارية حول الموارد المائية وتثمين هذه الموارد والتصرف في المساحات السقوية وذلك بتدارسها.
جدير بالذكر ان المساحات السقوية في ولاية جندوبة تغطي 27190 هكتار منها 25920 هكتار عمومية وتمثل نسبة التكثيف للقطاعين العام والخاص بين 70 و71./. بالنسبة للقطاع العام و54% بالنسبة للقطاع الخاص كما لا تتعدى نسبة الإستعمال في القطاعين العام والخاص بين 69 و70./. بالنسبة للقطاع الخاص و54% بالنسبة للقطاع العام.
هذا وبالنظر إلى النتائج التوافقية التي سيفضي إليها النقاش في كل محور سيقام نقاش في كل ولاية وذلك في نطاق مجموعة ممثلين جهويين متكونة كل واحدة منها من حوالي 20 عضو يمثلون مختلف المتدخلين الجهويين للتعمق في النقاشات ولتقديم مقترحات عملية.
وسوف تقدم كل المقترحات والتوصيات المتمخضة عن هذه الملتقيات الجهوية وعن مجموعات الممثلين إلى الورشات المبرمجة لمناقشة نتائج الدراسة في مستوى الولايات الـ12 المستهدفة بهذه الدراسة.
ويشار الى ان "دراسة تقييم و مراجعة سياسة تسعيرة مياه الري بالمناطق السقوية العمومية"سيقع اعدادها في نطاق تنفيذ التدابير المنصوص عليها في المرحلة الثانية من "برنامج الإستثمار في قطاع المياه" (PISEAU II) الذي تشرف عليه الإدارة العامة للهندسة الريفية و آستغلال المياه بوزارة الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري وبتمويل من البنك الألماني للإعمار (KFW) وقد تم إحداث لجنة وطنية لمتابعة هذه الدراسة على مستوى الإدارة العامة تمثل فيها 12 مندوبية جهوية للتنمية الفلاحية المعنية وقد أسندت مهمة إنجاز هذه الدراسة إلى مجموعة مكاتب دراسات تونسي/ألماني متكون من SCET-TUNISIE و.AHT-GROU ويتكون فريق الدراسة من 11 خبير في عديد المجالات من بينهم 4 أجانب و 7 تونسيين ويشارك منهم في هذه الورشة كل من Jean Claude Rocaboy بصفته رئيس فريق العمل ونائبه كمال شعبان والخبير في الاقتصاد الريفيPhilippe Massin والخبير في الاتصالات سالم بن سالم و الخبيران في إدارة و تتنشيط الملتقيات عبد السلام فزاني وحسن الدريدي.
وآستنادا إلى التشخيصات التفصيلية لبيانات المناطق السقوية العمومية التي تمت دراستها والصيغ المختلفة وأساليب التسعيرة المطبقة فإن الغرض من الدراسة هو إعداد مقترحات للتسعيرة مياه الري وتحديث وإصلاح السياسة والاستراتيجية الحالية لتسعير مياه الري.
والهدف الرئيسي من الدراسة المذكورة هو تحسين معدلات إسترداد التكاليف على أساس قاعدة تسعير مقبولة من جميع الأطراف الفاعلة بصرف النظر عن مستوى التسعير وهيكله حيث يتمحور التشخيص والتقييم بالتعريفات على مستوى المناطق السقوية العمومية الكبرى بـ 8 ولايات وهي أريانة، منوبة، بنزرت، نابل، باجة، جندوبة، سليانة، القيروان والمناطق السقوية العمومية الصغرى والمتوسطة بـ 4 ولايات وهي الكاف، القيروان، القصرين، سيدي بوزيد وواحات قفصة (القصبة،الجنوب الغربي، القصر، القطار، لالة والمناطق السقوية العمومية المزودة بالمياه غير التقليدية (المياه المعالجة) بـ 4 ولايات وهي أريانة، القيروان، القصرين، قفصة وتطبيق التعريفة التفاضلية المعتمدة بخصوص مياه الري للزراعات الإستراتيجية بالمناطق السقوية العمومية الكبرى بـ8 ولايات المدرجة بالدراسة.
وطبقا لكراس الشروط وبالتنسيق مع المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية المعنية وقع إختيار3 مناطق سقوية لكل من المناطق السقوية الكبرى و الصغرى/المتوسطة لتشملها الدراسة.
وتنقسم الدراسة إلى ثلاث مراحل وهي مرحلة التشخيص وإعداد المقترحات ثم مرحلة ضبط لمقترحات التعريفات و المصادقة عليها نهائيا ثم مرحلة إعداد إستراتيجية الإتصال والإعلام للتنفيذ المقترحات المعتمدة.
وقد إنطلقت هذه الدراسة بتاريخ 19 جانفي 2015 لمدة إنجاز قدرت ب18 شهرا وتتمحورأهم الأنشطة التي وقع إنجازها في تنظيم ورشة إنطلاق الدراسة على المستوى الوطني يوم 17 فيفري من السنة الماضية ،تنظيم ملتقى وطني الوطني يوم 22 فيفري 2017 وتنظيم ملتقيات و ورشات عمل جهوية بين شهري مارس وأفريل من السنة الماضية وفي 5 سبتمبر من نفس السنة تم تنظيم ورشة عمل توجيهية على النطاق الوطني ثم إعداد و تقديم و مناقشة تقارير تشخيص الوضع الحالي للمناطق السقوية العمومية المدرجة بالدراسة للوقوف على تكلفة خدمة الماء ومقارنتها بالتسعيرة المعتمدة وهي ورشة خاصة بتقديم و مناقشة نتائج التشخيص للإعداد مقترحات التعريفات و تتموقع في نهاية المرحلة الأولى للدراسة.
ومن المنتظر في نهاية الحوار أن يؤدي التوافق إلى ضبط الإجراءات الواجب إتخاذها و الوسائل التي سيتم إعتمادها لتثمين مياه الري و آستدامة المناطق السقوية العمومية عن طريق إحكام التصرف في الموارد المائية و تثمينها وإعتماد سياسة سعرية جديدة وعادلة لمياه الري تغطي مصاريف الخدمة و تتلائم مع الخصوصيات الجهوية و المحلية للمناطق السقوية العمومية.
منصف كريمي