الصفحة 1 من 4
الكل يشهر علامة قف في وجه رئيس النهضة المتسلح بصلاحيات “الخليفة”.
لا حديث الآن في تونس التي بدأت تنجو شيئا فشيئا من مكبّلات وباء كورونا وأخطاره، إلاّ عن المعركة السياسية التي خرجت من الغرف المظلمة إلى النور بين الرئيس قيس سعيّد وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان في الآن نفسه. تطورات سريعة أججّت حربا سياسية كان الغنوشي دائما حاضرا فيها منذ ثورة يناير 2011، لكن على خلاف العادة فإن الخصم مغاير هذه المرة بعدما خال الإسلاميون أن ترويض مؤسسة الرئاسة وسحبها إلى مربع أجنداتهم ستكون من أسهل ما يكون، لتندلع بوادر صراع جديد في تونس جمع كل الأضداد تقريبا، أضداد فرّقتها السياسة لكنها اجتمعت مجدّدا تحت شعار واحد “لا لغطرسة الغنوشي”.
تونس - بدأت سحابة الوباء تنقشع في تونس بعدما حقّقت البلاد نجاحا مؤقتا في مقاومته والخروج بأخف الأضرار، كما عادت الحياة بصفة تدريجية إلى طبيعتها حاملة معها فصلا جديدا من العراك السياسي الكلاسيكي بين الإسلاميين والعلمانيين.
العودة مجدّدا لحروب السياسة في تونس بعدما تخطّت تونس بسلام المرحلة الأخطر في مواجهة وباء كوفيد – 19 جاءت بمضامين وعناوين معتادة لكنها تدار بأشكال مختلفة جمعت كل من لا يتبنى طرح الإسلاميين في سلّة واحدة وفي طريق واحد هو معارضة راشد الغنوشي.
بعدما أظهر رئيس حركة النهضة حماسه المعلن بصفته رئيسا للبرلمان، لإغراق تونس في مستنقع المحور القطري – التركي في أكثر من قضية وعلى رأسها الملف الليبي ورغبته في حكم البلاد وحده، لم تعد هناك فوارق الآن في الخطابات بين الرئيس قيس سعيّد وحمة الهمامي زعيم حزب العمال (يساري) أو عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر أو بقية رؤساء الأحزاب العلمانية، بات كلهم يرفعون مطلبا واحدا مفاده كبح رغبات الغنوشي الأيديولوجية التي تُملى عليه من وراء البحار وتحديدا من أنقرة.
اللاّفت في المعركة الجديدة ضد الغنوشي أيضا أنها لا تجمع هذه المرة فقط من هم معروفون بوقوفهم ضدّ سياسات الأخونة و”التتريك” بل إن أحد أهم أضلع الصراع ضد رئيس حركة النهضة صار من داخل الإسلاميين ومن الحزب الإسلامي نفسه، من الذين لم تعد تغويهم مهدئاته رافعين في وجهه علامة “قف” بعدما منح لنفسه صلاحيات “الخليفة” في إدارة الشأن الداخلي للنهضة.