حجز واحد وثلاثين ألف طن من الحديد الموجه للاستعمال في البناء مخزنة بغرض المضاربة.
تونس - بدأت خطوات الرئيس التونسي قيس سعيد في معركته ضد الاحتكار تعطي نتائج ملموسة، بعد أن أعلن عن خوض حرب ضدّ المحتكرين والمضاربين، حيث تم حجز كميات كبيرة من الحديد الموجه للاستعمال في البناء مخزنة بغرض المضاربة.
وقال قيس سعيّد، إنه سيتعامل بحزم ضد محتكري السلع والخدمات بمختلف القطاعات في السوق المحلية، مؤكدا أنهم “سيدفعون الثمن غاليا”.
وجاء ذلك مساء السبت عقب زيارة أداها سعيّد إلى مستودع للحديد بمنطقة بئر مشارقة بمحافظة زغوان (جنوب العاصمة)، حيث تم حجز واحد وثلاثين ألف طن من الحديد الموجه للاستعمال في البناء مخزنة بغرض المضاربة.
وكثفت تونس عملياتها الرقابية إلى جانب تصريحات من الرئيس نفسه، بشأن محتكري السلع والخدمات، في أعقاب اتخاذه قرارات، شملت إقالة رئيس الحكومة وتجميد نشاط البرلمان.
وذكّر الرئيس التونسي في مقطع مصور نشرته وسائل إعلام محلية ومواقع تواصل اجتماعي، أنه سيواصل “حرب التصدي لكل مظاهر الاحتكار، ولا مجال للتسامح مع كل من يعمد للتحكم في تزويد السوق وزيادة الأسعار والتنكيل بقوت المواطنين”.
وتابع “المحتكرون يسعون للتحكم في السوق وفي سياسات الدولة، ولا مجال للتسامح معهم، وأنهم سيدفعون الثمن غاليا.. هؤلاء مجرمون ينكلون بالشعب التونسي ويدفعون المال لمن يغض الطرف عنهم، لكن الدولة ستستمر وسنتصدى لهم بالحديد”.
وترى أوساط سياسية أن الرئيس سعيّد أرسل جملة من الرسائل، أولها أن الحرب على الاحتكار متواصلة، مثمنة إشرافه بنفسه على التصدي لمثل هذه التجاوزات المهددة لأمن واستقرار التونسيين.
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي، أن “ما قام به الرئيس هو في العادة دور كل من الولاةوالمسؤولين الجهويين، ولكن يبدو أن حجم الفساد أكبر مما نتوقع ومستشر في مفاصل الدولة”.
وأضاف “الكمية المحجوزة ليست كمية استراتيجية بل ضخمة، وهناك عقوبة جزائية في المسألة”، قائلا “الرئيس أثبت مرة أخرى أنه في الطريق الصحيحة، ويجب أن تسانده مصالح الرقابة ووزارة التجارة والمسؤولون الجهويون”.
وتابع الرابحي “سعيّد بصدد إرسال رسائل جديدة مفادها أن المواطن يراقب والمسؤول يراقب، من أجل فضح مثل هذه الممارسات، والآن حان الوقت حتى يتحدث الجميع، ومسالك التوزيع أخذت كل شيء من خلال غلاء الأسعار”.
واستطرد “الرئيس قالها صراحة، سنخوض هذه الحرب، وهو دخل الحرب ولن يخرج منها إلا منتصرا لأنه مصمم على محاربة المحتكرين إلى آخر رمق”.
وتشهد أسعار مواد البناء في تونس ارتفاعا ملحوظا في الأشهر الأخيرة، وهو ما ساهم في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين.
وقال بدرالدين قمودي، رئيس لجنة الحوكمة ومكافحة الفساد بالبرلمان في تصريح لـ”العرب”، “إن ما حدث هو خطوة في اتجاه ملاحقة رجال الأعمال الذين يتلاعبون باستقرار التونسيين، وهذه خطوة أولى يفترض أن تكون مرفوقة بخطوات أخرى لمصالح الدولة”.
وأضاف “هي خطوات ثابتة وسعيّد في الطريق الصحيحة، ويجب أن تنخرط كل الأجهزة الرقابية في ذلك، فضلا عن تفعيل دور القضاء في المسألة ومؤازرة مجهودات سعيّد المعبرة عن إرادة سياسية لمحاربة الفساد”.
وأردف قمودي “لا يكاد يمر يوم ولا تأتينا أخبار عن مداهمة لمخازن سلع أو ملاحقة مهربي المال العام عبر الموانئ والمطارات وداخل تونس”، قائلا “هناك صحوة جديدة للإدارة التونسية التي بدأت تستجيب لإرادة الرئيس”.
ومنذ أسبوعين، حذر الرئيس التونسي جميع المسؤولين من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية متوعدًا إياهم بأنه سيتصدى لهم.
وقال سعيّد خلال زيارته إلى مركزين لتبريد المنتجات الزراعية في ولاية (محافظة) منوبة (شمال) إن “الذين يريدون إشعال النيران في الغابات والأسعار، سيحترقون بتلك النيران”.
وأكد “رفض كل مظاهر الاحتكار والمضاربة في المواد الزراعية”، مشددًا على أنه “سيتصدى لكل من يحاول التحكم في قوت شعب تونس وتركه للجوع والعطش”، وفق بيان إعلامي صادر عن الرئاسة التونسية.
وسبق أن أجرى سعيّد زيارة إلى وزارة التجارة وتنمية الصادرات في العاصمة تونس دعا خلالها إلى فرض تعديل الأسعار، وعدم استغلال هذا الظرف للاحتكار.
ووجه سعيّد تحذيرا شديد اللهجة للمضاربين في الأسعار، معتبرا أن تونس تخوض “حربا بلا دماء ولا رصاص من أجل كرامة التونسيين”.
والأسبوع الماضي، تمكنت الإدارة الجهوية للتجارة ومنطقة الأمن الوطني بسبيطلة (محافظة القصرين) وسط غرب البلاد، من حجز حوالي عشرين طنا من الحديد، في إطار مكافحة ظاهرة الاحتكار.
وأفاد محمد الغراد الناطق الرسمي باسم إقليم الحرس الوطني بالمهدية (شرق) أن الحملات الأمنية أسفرت في الفترة المتراوحة بين الثالث والعشرين والثامن والعشرين من أغسطس الجاري، عن حجز 759 طنّا من البطاطا والبصل و151 طنّا من الزبدة المصنّعة في أحد مخازن التبريد.
خالد هدوي
صحافي تونسي