تصاعدت الجهود في تونس للتصدي للفساد المالي والاقتصادي، وذلك من خلال اجتماع هام جمع الرئيس قيس سعيّد بعدد من الشخصيات البارزة في الحكومة والقطاع المالي، و تركز الاجتماع على موضوع الصلح الجزائي واختيار أعضاء اللجنة المكلفة بالنظر في مطالب الصلح، وهو موضوع حساس يتطلب تعاوناً واضحاً وجهوداً جادة من قبل جميع الأطراف المعنية.
من بين القضايا التي تمت مناقشتها في الاجتماع، كان تنقيح المرسوم القانوني المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وهو خطوة هامة لتعزيز النزاهة والشفافية في إدارة الأموال العامة، وقد أكد الرئيس سعيّد أن الأبواب فتحت من جديد أمام كل من يرغب بجدية في استعادة أمواله المنهوبة، مشدداً على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية وعدم التهاون في استرداد هذه الأموال.
وفي سياق متصل، دعا الرئيس سعيّد محافظ البنك المركزي إلى تكثيف جهود لجنة التحاليل المالية لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات من الخارج، وتحديداً من دوائر مشبوهة، وهذا يأتي استجابة لمخاوف الشعب التونسي من أن يتدخل أشخاص غير مشروعين في شؤون البلاد ويؤثروا على استقرارها الاقتصادي والسياسي؛ وبالتأكيد، يحق للشعب التونسي أن يتطلع إلى مستقبلٍ أفضل يتمتع فيه بالحرية والعدالة والاستقرار.
إن الخطوات التي تم اتخاذها اليوم تعكس رغبة السلطات في تحقيق الإصلاحات الهامة، وتحمل رسالة قوية بأن تونس تسعى جاهدة للحفاظ على مقدراتها المالية وتأمين مستقبلٍ مشرق لشعبها، إن استعادة الأموال المنهوبة ومحاربة الفساد يعدان أولويات حكومة تونس، وهذا يؤكد التزامها ببناء دولة قوية ومزدهرة.
من الضروري أن يكون هناك تعاون واسع النطاق بين السلسلطات التونسية المختلفة، بما في ذلك الحكومة والقطاع المالي والقضاء، للتصدي للفساد وضمان توفير بيئة عادلة وشفافة للاستثمار والتنمية، ويجب أن يتم تعزيز الرقابة وتعزيز العمليات المالية والمصرفية لضمان تدفق الأموال بشكل قانوني ومشروع.
علاوة على ذلك، ينبغي أن يُشجع المجتمع المدني ووسائل الإعلام على المشاركة الفاعلة في رصد وتوثيق حالات الفساد وإلقاء الضوء على القضايا ذات الصلة، كما يجب أن يكون هناك آليات فعالة للإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، وضمان محاكمة الجناة وتطبيق العقوبات المناسبة.
إن تونس تعيش حاليا فترة تحول سياسي واقتصادي، وهذه الفترة تشكل فرصة لإعادة بناء النظام وتعزيز النزاهة والشفافية، و يجب أن يكون هناك التزام صارم بقواعد القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما لابد من أن يكون الشعب التونسي شريكا فاعلا في هذه العملية وأن يتم تشجيع المشاركة العامة والحوار المجتمعي.
تونس تستحق أن تكون دولة ذات مؤسسات قوية وديمقراطية ناضجة، كما يجب أن تستمر الجهود المبذولة في مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة، وذلك لضمان تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في البلاد، إن مستقبل تونس يتوقف على قدرتها على تجاوز التحديات الراهنة وبناء مؤسسات قوية تحقق مصلحة الشعب وتضمن تحقيق العدالة والتقدم.
في النهاية، يجب أن يكون الصلح الجزائي واختيار أعضاء اللجنة المختصة به أدواتٍ فعالة لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، و يجب أن يتم تنفيذ هذه الإجراءات بحزم وشفافية وبالتعاون بين جميع الأطراف المعنية، اذ إن استعادة الثقة في النظام وتعزيز العدالة ستساهم في بناء مستقبل أفضل لتونس وشعبها.
إيمان مزريقي