اختر لغتك

خراب متعلم

خراب متعلم

خراب متعلم

من قاعات الدرس التي تتساقط جدرانها كأوراق الخريف إلى الساحات المدرسية التي تحولت إلى مسارح للانتظار العاري من الرجاء يتهاوى بنيان التعليم في تونس كما يتهاوى الهرم حين تنتزع منه لبناته السرية، لاشيء في المشهد يشي بأن النظام يراد له أن يصلح إنما كل شيء يوحي بأن العطب قد غدا جزءا من تصميمه.

مقالات ذات صلة:

💥 4 تلاميذ ضحايا الإهمال: انهيار جدار معهد يُفجّر الغضب في المزونة!

💔 فاجعة في المزونة: سقوط سور معهد يُودي بحياة 3 تلاميذ ويصيب آخرين بجروح خطيرة

المزونة تحتفي بالشعر والأغنية في الدورة الـ28 من مهرجان الأغنية الريفية والشعر الشعبي دعماً للقضية الفلسطينية

الطفل الذي يستيقظ في الخامسة صباحا ليجتاز الكيلومترات نحو مدرسة قد لا يجد فيها مقعدا أو يجد معلما أنهكته التحويلات المالية المتأخرة ومذكرات العمل المتضاربة لا ينتظر منه أن يخط غدا مختلفا، الفصول أو ما تبقى منها باتت أشبه بمخازن لأجساد صغيرة تتكدس دون تهوية ودون دفء ودون تلك اللمعة في العين التي كان يقال عنها شغف العلم.

ولئن كنا قد ورثنا البناءات عن عهود مضت فإننا قد ورثنا معها نظرة إلى التعليم ليست أكثر إشراقا، النظرة التي ترى في التلميذ رقما في خانة الإحصاءات لا مشروعا لذات متفردة، والنظرة التي تسكن الوثائق وتغيب عن الممارسة، أما السياسات فتتغير بتغير الوجوه وتبقى الأجساد الصغيرة هي الضحية الوحيدة التي لا يُستشار في أمرها.

الميزانيات توزع كما توزع الغنائم بلا معيار ثابت غير منطق القرب والبعد، المدارس في الداخل التونسي تشكو عوزا لا يطاق لا في التجهيزات فقط إنما في المعنى ذاته الذي يفترض أن المدرسة تحمله، فلا لغة تدرس كما يجب ولا مناهج تحدث كما ينبغي ولا كرامة تبقى لمن يضطر أن يدرس في قسم سقفه مائل على الانهيار.

لكن السؤال الأثقل، هو ذاك الذي لا يطرح من يحاسب حين تكون الكارثة ممنهجة؟ حين تهدر السنوات بلا حساب؟ حين يخرج الطالب من منظومة كاملة وهو عاجز عن كتابة جملة مفيدة أو قراءة نص بسيط؟ هل يكفي أن نعد بتعديلات؟ وهل الإصلاح الذي يعلن على الورق يُعتبر إصلاحا إذا ما أجهض في أول مرحلة من التنفيذ؟

ربما ليست المشكلة في هشاشة البنية فقط لكن في غياب البوصلة، فحين يتحول التعليم من رسالة إلى عبء، من مشروع نهضوي إلى بند هامشي يصير من الطبيعي أن تتقادم الجدران وتتكلس العقول ويصبغ المشهد كله برمادية الخيبة.

هناك في الخفاء صوت خافت ما زال يهمس بأن الطريق لم يُغلق بعد، ربما في قرية نائية طفل ينحت حلمه بطباشير مكسور ومعلم يشرح بسبورة ممزقة لكنه لا يكل، لكن هل يبنى مستقبل أمة على بطولات فردية أم على منظومة عادلة، رشيدة، تضع العقل في مقامه الأعلى وتكرم من يحمل شمعة التعلم في عتمة التيه؟

آخر الأخبار

🔴 معهد المزونة: حين ينهار السور تنهار الثقة: هل يدفع المدير الثمن وحده؟

🔴 معهد المزونة: حين ينهار السور تنهار الثقة: هل يدفع المدير الثمن وحده؟

الصومال يكسر جدار الصمت الانتخابي: مقديشو تسجّل الناخبين لأول مرة منذ 56 عامًا

الصومال يكسر جدار الصمت الانتخابي: مقديشو تسجّل الناخبين لأول مرة منذ 56 عامًا

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

عناق بارد ثم صفعة دبلوماسية: هل دخلت الجزائر وفرنسا مرحلة القطيعة الباردة؟

فرنسا تحسمها نهائيًا: الصحراء مغربية والحكم الذاتي هو الحل

فرنسا تحسمها نهائيًا: الصحراء مغربية والحكم الذاتي هو الحل

الملتقى العلمي الدولي للسياسات السكنية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا

الملتقى العلمي الدولي للسياسات السكنية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا

Please publish modules in offcanvas position.