أثار نفوق عدد من الخرفان بسبب الطاعون في تونس جدلا واسعا حول سلامة قطيع الماشية وإمكانية انتقال العدوى للبشر، وذلك قبل أسابيع من حلول عيد الإضحى المبارك.
وكان الجنوب التونسي قد شهد أولى عمليات النّفوق، وأساسا منطقة "بني خداش" من محافظة مدنين في الجنوب الشرقي للبلاد، ليتم تسجيل بؤر أخرى في ولايات بنزرت وأريانة وباجة.
دعوات لمقاطعة أضاحي العيد
وطالبت النقابة العامة للأئمة دار الإفتاء التّونسية بإصدار فتوى لمُقاطعة أضاحي العيد لهذه السّنة، على خلفيّة تسجيل حالات نفوق للماشية بسبب وباء الطّاعون.
وقال الفاضل عاشور، كاتب عام النّقابة، في تصريح لإذاعة موزاييك، الثلاثاء، إن موقف النّقابة جاء بناء على مراعاة الجانب الشرعي الذي يقضي بضرورة توفر كل الظروف الصحية في الأضحية وإلا سيصبح من غير الجائز الأضحية عليها، حفاظا على صحة المسلم وسلامته، مشيرا إلى أن الواجب الديني يفرض عليهم كأئمة التنبيه بالحذر، وفق تعبيره.
واعتبر عاشور أنّه بالإضافة للخوف على صحّة التّونسيين، تم الاستناد لحقيقة الوضع الاجتماعي الصّعب الذي يعيشه التونسيون باعتبار أنه من شروط شراء الأضاحي أن يكون المسلم غير فقير.
وأضاف: "الفقير شرعا هو من يملك قوت عام كامل، بينما تعيش غالبية التونسيين على أجر شهر واحد، ينتهي بنهايته، ممّا يجبرهم على انتظار أجر الشهر التالي، ممّا يعني أنهم "فقراء من وجهة نظر شرعية"، الأمر الذي يزيد من أسباب إلغاء ذبح الأضاحي".
وزارة الفلاحة تنفي الخطر
وفي تعليقه حول المخاوف من مرض الطاعون، قال المكلف بالإعلام في وزارة الفلاحة التونسية، أنيس بالرّيانة، إن "طاعون المجترات الصّغرى" كان قد ظهر لأوّل مرة في ساحل العاج سنة 1984، وانتقل إلى شمال إفريقيا عبر المغرب سنة 2008 ومنها إلى الجزائر وتونس.
وأضاف بالرّيانة، أن تونس تشهد سنويا منذ تاريخ انتقال المرض إلى أراضيها اكتشاف ما بين 10 و11 بؤرة، مُشدّدا على كونه لا يُعدّ مرضا مُعديا ولا يُمكن أن تنتقل العدوى من الخرفان الحيّة إلى البشر، وأن لحوم الخرفان المُصابة بالمرض ليست مُضرّة.
وتابع: "لن تكون هنالك حاجة لاستيراد الخرفان هذه السنة باعتبار أن إحصائيات ديوان الماشية تُشير لتجاوز قطيع الأغنام في تونس لعدد المليون و100 ألف أضحية فيما تُقدر حاجة التونسيين بـ900 ألف أضحية".
السّيطرة على المرض ممكنة
من جهته، قال الدّكتور ياسين كلبوسي، وهو طبيب تونسي يعمل ضمن منظمة أطبّاء بلا حدود، إن مرض الطّاعون كان قد تسبب سنة 2013 في مدغشقر في وفاة 60 شخصا، وهو ما يُعطي لتخوّف نقابة الأئمّة أهليّة منطقيّة، وفق تعبيره.
وأضاف الكلبوسي، في تصريحه لـ"عربي21" أن الفيروس لا يستطيع العيش طويلا خارج الحيوانات وهو فيروس ضعيف نسبيا، ما يجعل السيطرة على المرض ممكنة من خلال الحد من تنقل المواشي والقطعان، بالإضافة إلى قتل الخرفان التي تظهر عليها علامات المرض.
وتابع: "من ناحية عمليّة، إذا استطاعت السلطات القضاء على القطيع الذي ظهر فيه الوباء، وبعد مدة قصيرة أي أسبوع أو أسبوعين لم تظهر أية إصابات أخرى في قطعان مجاورة جغرافيا؛ فهذا يعني علميّا السيطرة على المرض. أما في حالة عدم القدرة على القضاء على القطيع الذي ظهرت فيه الإصابات، يصبح من الأسلم أن يتوخى المواطن إجراءات احترازيّة من قبيل شراء أضحية العيد قبل أسبوع حتى يستطيع مراقبتها بنفسه".
دار الإفتاء لن تطالب بمقاطعة شراء أضاحي العيد
ووفق ما أوردته صحيفة الصريح، نفى مفتي الجمهورية عثمان بطيخ إمكانية مطالبة دار الإفتاء بمقاطعة شراء أضاحي العيد بعد نفوق عدد من الخرفان بسبب مرض الطاعون؛ داعيا المواطنين للتثبت واستشارة الأطباء البيطريين قبل شراء الأضاحي، مُؤكّدا أنّه سيتخذ موقفا صارماً في حال ثبوت انتشار المرض وتشكيله خطرا على سلامة المواطنين.
واعتبرت نقابة الأئمة أن المفتي دفعه الخوف من ردّة فعل الشعب التونسي المُتمسّك بعيد الأضحى كطقس ديني وأيضا كمُناسبة ذات بعد احتفالي واجتماعي، إلى اختيار صيغة سياسية للإجابة على طلب النّقابة، من خلال دعوة وزارتي الصّحّة والفلاحة إلى الحرص على عدم انتشار الوباء.