بدأت الحكومة التونسية حربها ضد الفساد الذي يستنزف اقتصاد البلاد، حيث داهمت قوات الأمن عشرات المخازن التابعة لتجار التهريب في العاصمة، وصادرت بضائع بقيمة 5 ملايين دولار، فيما أكد والي تونس أن الحملة متواصلة حتى القضاء على «التجارة الموازية» في البلاد.
وقامت وحدات من الشرطة البلدية مدعومة من قوات الأمن بحملة مداهمات (مستمرة منذ عدة أيام) شملت مخازن للسجائر المهربة ومجهولة المصدر في العاصمة التونسية، حيث أشارت مصادر أمنية الى أن قيمة البضائع المصادرة (من منتجات التبغ وأموال التهريب) حتى الآن تبلغ حوالي 10 ملايين دينار (حوالي 5 ملايين دولار)، في أضخم عملية مداهمة منذ 2011.
وشهدت الحملة التي تتم بالتنسيق بين وزارتي التجارة والصناعة والتجارة مواجهات بين قوات الأمن وعدد من المهربين الذين رشقوا قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة، وقامت الشرطة بإغلاق عدد من الشوارع الجانبية كـ»سالين» و»الملاحة» المؤدي إلى ساحة العملة في العاصمة، وسط انتشار أمني كثيف، حيث أشار بيان لوزارة الداخلية الى أن عناصر الأمن اقتحموا، بموجب إذن قضائي، عدداً من المخازن التابعة للمهربين، كما قاموا بإغلاق عدد من المحلات العشوائة ومنع الباعة المتجولين في المنطقة.
وأكّد والي تونس عمر منصور أن الشرطة البلدية ستواصل العمل مع قوات الأمن العمل لـ»لقضاء على التجارة الموازية والتهريب للسلع التي تضر المواطن مادياً وصحياً»، مشيرا إلى أنه قرر اجراء حملات تصدٍ لكل ماهوعشوائي وغير قانوني بهدف «وضع حد لاخطبوط تهريب البضائع واحتكارها، تمهيدا لترويجها في الاسواق والترفيع في ثمنها».
ورحب عدد كبير من التونسيين بالحملة الحالية، حيث كتب أحد النشطاء على موقع «فيسبوك» ويدعى فوزي العيّاري «الدولة تبقى دولة حتى لو ضعفت لكن المهم الرسالة وصلت، الغطاء السياسي للمهربين هو جزء من اضعاف الدولة، ارجو الضرب بقوة ضد تجار العملة الصعبة الموجودين في كل مكان وامام البنوك، هذا مخطط لتفريغ البلاد من العملة الصعبة وهؤلاء الاشخاص متواجدون خاصة في شارع الحبيب بورقيبة، باب الجزيرة، باب بحر، ارجو التحرك وايقاف كل من تثبت ادانته بالقانون».
وأضاف آخر يُدعى فوزي النّفزي «عندما تتم مداهمات متواصلة على هذا المنوال واستهداف جميع المواد المعنية بالتهريب وليس السجائر فقط يتم قطع الطريق امام البارونات الذين لن يتوانو في الدفع بالعديد من المأجورين للتظاهر والاعتصام حتى يقع فك الحصار عنهم وهنا تدخل الدولة لا بد ان يكون حازماً»، ونشر ناشط آخر يدعى محمد ناصر قائمة قال إنها لرجال الأعمال المدانين للدولة، مطالباً الحكومة بتحصيل الأموال منهم لدعم الاقتصاد الوطني.
ويؤكد بعض الخبراء أن حجم الاقتصاد الموازي في تونس يتجاوز 51 في المئة من الدخل المحلي للبلاد، وهو يعتمد أساساً على التهريب والتجارة العشوائية، فيما يشير البعض إلى وجود «زواج عرفي» بين بارونات التهريب والجماعات المتطرفة وهو ما يشكل خطراً كبيراً على تونس التي ما زالت تعاني من خطر الإرهاب، رغم النجاحات الأمنية الكبيرة مؤخراً، والتي ساهمت بتفكيك عشرات الخلايا الإرهابية وإحباط هجمات عدة كانت تستهدف مناطق حيوية في البلاد.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشـــاهد تعهد في وقت سابق بالقضاء على ظاهرتي الفساد والإرهاب، وإيجاد حل لمشكلة البطالة وتنمية الجهات المحرومة، فضلاً عن دعم الاستثمار الداخلي والخارجي لدفع عجلة النمو الاقتصادي المتعثر في البلاد، واعتماد الشفافية والتقشف في العمل الحكومي وهو ما طبقه عملياً عبر تخفيض أجور أعضاء حكومته والتصريح عن ممتلكاتهم، في خطوة لقيت استحساناً كبيراً في البلاد.