النهوض بالسياحة يتطلب الاعتماد على الخصوصيات الحضارية وليس بناء المزيد من الفنادق.
تحصلت جبال الظاهر في الجنوب التونسي على علامة “توب 100“، التي تسندها منظمة السياحة العالمية للوجهة الخضراء، تحت إشراف المجلس العالمي للسياحة المستدامة، لتكون بذلك الوجهة الأولى في تونس التي تسند لها العلامة.
تطاوين (تونس) - أدرجت سلسلة “جبال الظاهر” الممتدة من مطماطة إلى تطاوين في الجنوب التونسي، ضمن قائمة أفضل 100 وجهة للسياحة المستدامة في العالم (gdtop100).
وقالت وزارة السياحة والصناعات التقليدية التونسية الأربعاء إن “جبال الظاهر” هي أول وجهة على الصعيد الوطني تدرج ضمن هذه القائمة المعدة بإشراف المنظمات الدولية المختصة والمجلس العالمي للسياحة المستدامة.
وتطلب حصول وجهة الظاهر على هذه العلامة مجهودات بذلت على مدى نحو 8 أشهر، وإعداد حوالي 147 ملفا بمساعدة خبراء من ألمانيا، في إطار اتفاقية أبرمتها جامعة السياحة الأصيلة منذ سنتين مع منظمة ألمانية تشتغل على تشجيع السياح الأوروبيين على زيارة الوجهات السياحية في العالم.
وستمكن هذه العلامة من الترويج المجاني لوجهة الظاهر من قبل المنظمة لدى وكلاء الأسفار العالميين والمختصين في السياحة الخضراء والمستدامة، إلى جانب ما تمثله من اعتراف بالخبرة التي اكتسبتها في التعامل مع المنظمات العالمية المختصة في السياحة، وفتح فرص كبرى لهذه الوجهة لدى المانحين، وخاصة المهتمين بدعم السياحة المستدامة وتمويلها.
وتم هذا التصنيف بالاعتماد على جملة من المعايير، منها نجاح جامعة السياحة الأصيلة كمسوّق للسياحة المستدامة، والترويج للموروث الثقافي، وتشجيع التنمية المستدامة، والمحافظة على البيئة.
وتعرف سلسلة “جبال الظاهر” في الجنوب التونسي بأنها مكمن لمخزون تراثي وطبيعي هام.
والمنطقة التي تُعتبر امتدادا طبيعيا لجبال تعلو حينا وتنخفض حينا آخر لتقسم منطقة الجنوب التونسي إلى نصفين، تعد أرضية متميزة وفريدة لخلق مشاريع استثمارية واعدة في المجال السياحي.
وعملت وزارة السياحة التونسية بالشراكة مع الدولة السويسرية منذ سنة 2014 على الترويج لهذه المنطقة كوجهة سياحية مستدامة.
وتوجت “وجهة الظاهر” الممتدة من مطماطة إلى تطاوين عمل هذه السنوات بإعلان وزارة السياحة والصناعات التقليدية الأربعاء، إدراجها ضمن قائمة أفضل 100 وجهة من الوجهات السياحية المستدامة.
وترتبط “وجهة الظاهر” بمنتج سياحي يحمل عدة خصوصيات، إذ يرتكز على التراث والموروث المادي واللامادي، من خلال الإقامات الريفية ودور الضيافة ومطاعم توفر أكلات تقليدية من تراث المنطقة، إلى جانب تراث جيولوجي كبير، ما جعل مثل هذا المنتج السياحي يستقطب نوعية من السياح الباحثين عن خصوصيات متفردة تعكس تراث المنطقة وأصالتها وعمقها الحضاري.
وتطورت بفضل هذا المشروع السياحة في هذه المناطق التي تشملها وجهة الظاهر، من سياحة عبور إلى سياحة إقامة، يستطيع السائح أن يقضي فيها مدة تتجاوز ثلاثة أيام وتصل إلى أسبوع من ناحية، وأصبحت سياحة طيلة العام لا ترتبط بموسم صيفي أو غيره من ناحية ثانية.
وفي سياق الترويج لهذه الوجهة كمقصد سياحي فريد، تستعد جامعة السياحة البديلة لتدشين أول مسلك للمشي على الأقدام على طول 217 كيلومترا في أفق شهر ديسمبر المقبل، يستجيب للمواصفات العالمية للمسالك، ويحتوي على عدة محطات تبرز ثراء التراث الجيولوجي للمنطقة.
يُشار إلى أنّ هذا المشروع مموّل ومدعوم فنيا وماليا من كتابة الدولة للاقتصاد السويسري، وبدأ الاشتغال عليه سنة 2014 في تجربة تقول وزارة السياحة التونسية إنه سيتم بعد ذلك تعميمها على مناطق تونسية أخرى ذات خصوصية تراثية فريدة.
ويندرج إحداث هذا المسلك في سياق دعم السياحة البديلة التي تستقطب المولعين من السياح باكتشاف ثقافات الآخر.
وبين المسؤول عن الترويج لوجهة الظاهر محمد أمين بالريش أن قطع مسلك يستخدمه الرعاة والفلاحون يعد رهانا مغريا بالنسبة إلى شريحة هامة من السياح بالخارج. وقال بالريش، إن تونس لا تستقطب حاليا هذه النوعية من السياح الأوروبيين الذين يزورون بلدانا أخرى لأجل البحث عن المغامرة ولاكتشاف ثقافات مغايرة للمجتمع الذي تربوا فيه، والمقدر عددهم بـ30 مليونا.
وسيحظى السياح بهذه المناسبة، بفرصة التنزه وسط مناظر طبيعية خلابة فيها الكثير من التنوع التراثي المعماري والجيولوجي، إذ سيعبرون قرى تمزرط ووادي الخيل وتوجان وقصر حلوف وقصر الحدادة وقرماسة، فضلا عن شنني والدويرات.
ويرى بالريش أن السياحة في تونس تعيش أزمة هيكلية، مشددا على أن النهوض بالسياحة يتطلب في المقام الأول الاعتماد على الخصوصيات الحضارية والتاريخية لمختلف الجهات، وليس على ضخ الأموال لإحداث المزيد من الفنادق.
من جانبها، قالت سفيرة سويسرا في تونس ريتا آدام، إن دولتها تهتم بالترويج لوجهات سياحية مهمة في تونس مشيرة إلى وجهة جبال الظاهر بالجنوب الشرقي التونسي والتي تعتبر من الوجهات السياحية المميزة.
وأكدت السفيرة أن تونس تتمتع بثروات سياحية طبيعية رائعة ويتم العمل على التعريف بها في السوق الأوروبية والترويج لوجهة الظاهر ضمن السياحة الثقافية، مشيرة إلى أن السياحة التونسية لا تقتصر على الشواطئ فقط.